الثلاثاء، 16 أغسطس 2016

حول البوركيني والسخافة


تسببت القرارات الصادرة عن عمودية  مدينة كان وغيرها من العموديات الواقعة في الجنوب والتابعة لحزب اليمين، بهذف حظر البوركيني بعد احداث نيس الارهابية، في نزع الابتسامة ما وراء بحار المانش والمحيط الأطلسي. ونفس الشيء في فرنسا، فالكثيرين يرون انه جدل مثير للسخرية، ودليل على التركيز الزائغ على الإسلام. فصحيح أن المنهجية المتبعة تبعث التساؤلات خصوصا عن تلك المنبثقة عن رؤساء البلديات  الذين فجأة أصبحوا يهتمون بحقوق المرأة ورعاية ظروف اصطيافها على الشاطئ، ولكن لم يتأخروا في دعم ،بقية السنة، الحركات الأصولية التي سحبت أطفالها من المدارس بسبب برامج تحسيسية حول الصور النمطية التي تستهذف الجنسين...

فالشاطئ ليس هو المدرسة. السبَّاحات، ليست طالبات أو قاصرات. كونك تفرض عدم تغطية الرأس في مكان مدني، مخصص للتربية على المواطنة والمساواة، هذا أمرمقبول. أما أن تفرض على شخص أن يقلع حجابه في مكان نزهة واصطياف أمر مبالغ فيه، ما عدا بالطبع إذا كان الامر يتعلق بشاطئ خاص يخضع لنظام خاص به.

فتبرير الحظرمعقول في حمامات السباحة حيث من المتوقع احترام الزي المحدد للجميع، في إطار الحشمة أو النظافة. فالرجال، على سبيل المثال، ليس لهم الحق في السباحة بسراويل طويلة. كما ان المرأة لا تملك الحق في الاستحمام عارية الصدر. فلماذا الذين يتذرعون بالدين ينفردون بالقدرة على الحصول على تسهيلات؟

ومع ذلك، فإن حظر البوركيني على الشاطئ، في حين أن آخرون يستحمون بملابسهم، ليس أمر منطقي ولا فعال للغاية. أما بالنسبة للحجاب في الجامعات، وأولئك الذين يؤمنون أن تراجع الاسلوب الأصولي يتم عن طريق حظره في كل مكان هم  خاطئون. وسوف يحصلون على تأثير معاكس عمّا هو مقصود:أي تسهيل دعاية احتكار دَور الضحية، وبالتالي نشر موضا البوركيني عند الشابات أو الفئة الهشة والأكثر تأثرا.

ومن جهة أخرى وفي جميع الحالات، كنا "مع" أو "ضد" الحظر، فليس هناك ما يبرر الاسراف (المبالغ فيه) في تسهيل هذه الدعاية - بتضامننا مع هذه العلامات الرجعية والتي لا تدافع عن المساواة بين الجنسين، كما لو أنها أشياء مقدسة أوركن من أركان الإسلام. فلقد كسَّر ادوي بلينيل كل المقاييس عندما نشر على ميديا ​​بارت مقالا على البوركيني بعنوان "ملابس مثل الآخرين"، وقام باصدار تغريدة بصورة من السباحين في زي السباحين الصغار والتي يعود تاريخها إلى الفترة المسماة ب "الحقبة الجميلة"، مرَّ عليها أكثر من قرن، مرفوقة بتعليق مفاده: "السّباحة في البحر بلباسكم في فرنسا (بدون مسلمات) حرية الجسم =حرية اللباس" وهذا يعني أنه ضرب عرض الحائط  قرن من التحرير، وعلى مايو 68 وبما في ذلك الحركة من أجل تحرير المرأة ... لأنه، وللتذكير، فلقد وقع حدث "صغير" منذ بداية القرن العشرين: ألا وهو بالضبط تحرير المرأة والجسم. فدعم تغطية جسد المرأة كما لو كانت "حرية" وليس الرجوع الى الوراء يبرهن عن عقلية رجعية عميقة، لا يمكن لتقدُّمِي الحفاظ عليها دون خيانة الفكر الذكوري العميق والمستشرق.

فأي شخص تنتابه شيء من النزعة النسوية او حتى ببساطة قلق من التطرف، من شأنه أن يشعر بالانزعاج لفكرة السباحة بجوار امرأة أو مجموعة من النساء يرتدين البوركيني. فارتداء هذا اللباس الأصولي على الشاطئ هي رسالة الى الاخريات أنهن ليست عفيفات أو أن شبه عريهن يستحوذ على أفكارك. وهذا الامر متعب. فعندما نذهب إلى البحر، نامل في الاسترخاء، وليس في مواجهة مشاكل نفسية أو معتقدات إيديولوجية للآخريين. اذا كان شخص ما غير مستريح حتى مع جسده، ويؤمن بالحشمة، فبإمكانه ببساطة تجنب السباحة في الأماكن العامة واختيار أماكن أكثر احتشاما ... كمسبح خاص او حتى حوض للاستحمام.

ونفس الشيء بالنسبة لنا، اذا استمرت تلك السبَّاحات في مواقفهن المفكَّكة ، ودون منعهن من ولوج الشاطئ، فلنا الحق في الذهاب للسباحة في أماكن أخرى أو حتى إرسال رسالة بدورنا مضادة لفكرة تغطية الجسد، باعتمادنا أسلوب العراء.

كارولين فوريست


سيصدرقريبا: "عبقرية العلمانية" عن دار النشر غراسيه. (01 أكتوبر) 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق