الجمعة، 27 أكتوبر 2017

الحياة المزدوجة لطارق رمضان







لقد كلّفني كثيرا من الوقت وسنوات عديدة اثبات الخطاب المزدوج لطارق رمضان بالدليل والبرهان.

وكنت أعلم منذ سنة 2009 أن حياته هي أيضا مزدوجة، على عكس خُطبه العديدة التي كان يُردّدها في المناسبات والمحافل الدولية حول "المفهوم الإسلامي للحياة الجنسية". ومع ذلك، لم أستطع كتابة مقالا في الموضوع، إذ يصعب المجاهرة بأفعال خطيرة في غياب أدلّة دامغة او شكوى تقدّم من قبل الضّحيّة. أما فيما يتعلق بكشف بعض الحقائق والأفعال الأخرى التي تُأشّرُ على تفاقم مرض النفاق وكراهية النساء على حد السواء لديه، فهي جزء لا يتجزأ من حياته الخاصة. كما كان لدي ما يكفي من الأدلة لإثبات ازدواجية طارق رمضان حتى لا أشُقّ هذا الطريق. غير انّني حذّرت زملائي من هذا الأمر وحتى مُلازمي رمضان أنفسهم، لكنّ لا حياة لمن تُنادي.

فقد واصلَت زمرة المُعجبين بهذا الداعية الاستناد اليه عند التذكير بأن الجنس خارج الزّواج حرام. كنت اتبسّم كلما استمعت إلى خُطبه المحافظة عن الإغراء وواجب العفّة. مثل ذلك الشريط حول "الكبائر"، حيث يُهاجم الرجال الذين يجرؤون السباحة في المسابح المُختلطة "وأنت تقصد هذا المكان فمن الطبيعي ان يستهويك!" وفي هذه العظة، يحثّ قطيعه على "النضال" من أجل "أماكن طاهرة"، وهذا يعني حمّامات غير مُختلطة. إن نبرة صوت طارق رمضان في هذه الأشرطة ليست هي النبرة الناعمة التي يستعملها في البرامج التلفزيونية التي يتم استدعائه اليها، فهي نبرة الداعية المهووس بالجنس. خير دليل عن الاضطراب العصبي الذي يكون غالبا مُتأصّلا في الشّخصيّة .

في حالة طارق رمضان، يبدو أننا نتعامل مع سلوك جدير بسلوك هارفي وينشتاين، وربما أكثر عُنفا


عندما أتأمّل في حصيلة جميع الدُّعاة والأصوليين، مسيحيين كانوا او الإسلامويين الذين كانوا محلّ تحقيقات أجريتها عنهم، لا أعتقد أنّني عثرت مرة واحدة على شخص يعيش حياة جنسيّة متوازنة، أو ببساطة تتوافق ووعظه. فالعالم مليء بالمبشّرين المناهضين للمثلية وتربطهم علاقات مع مثليين، وكهنة متحرشين بالأطفال وحيوانات جنسية مفترسة إسلامويّة.

في حالة طارق رمضان، يبدو أننا نتعامل مع سلوك جدير بهارفي وينشتاين، وربما أكثر عنفا. إذا كنت أنا اليوم أتحمّل مسؤولية كتابة هذا السّطر، في حين أن هذا الأمر قد يكلفني دعوى قضائية يرفعها ضدي المتّهم الرئيسي في هذه القضية، فلأن امرأة تُدعى هندا العياري تحلّت بالشجاعة الكافية لتقديم شكوى ضده متهمة اياه بالاغتصاب والاعتداء الجنسي والتحرش والتّهديد. وبطبيعة الحال، طارق رمضان ينفي هذه التُّهم وسيهاجمها. فبات أحد ملازميه الموالين اليه على الشبكات الاجتماعية، يرى في ذلك مؤامرة "الصهيونية الدولية". كما وجّه مُعجبيه أصبع الاتهام الى الضحية، وهي سلفية تائبة، مدينين إيّاها بالكذب والرغبة في خوض حملة دعاية تخدم مصالحها (وهو أمر تُحسد عليه كما يعلم الجميع...). أنا لم ألتق بها. ولكن ما يمكنني أن أشهد به هو أن قصّتها بتفاصيلها الدّقيقة المُرعبة تشبه إلى حدّ كبير قصّة أربع نساء أخريات التقيت بهنّ.

ففي عام 2009، عشية نقاشي الشّهير مع طارق رمضان في برنامج فريدريك تادي. وكانت الصحافة قد أعلنت عنه على نطاق واسع. اتصّلت بي اولى النساء الأربعة لتُخبرني بما تعرّضت اليه من قبل هذه الداعية. توخّيت الحذر في بادئ الأمر. فقد تكون شهادة زائفة الهدف منها حثّي على ارتكاب خطأ؟ فمع طارق رمضان، عليك دائما أن تتوقع أيّ شيء. في البداية، لم أعط الأمر أهميّة. لكن كتاباتها أصبحت أكثر دقّة. وحتى أتوصّل الى اليقين بنفسي، عقدت لقاء معها. فكشفت لي عن رسائل نصّية وصُور مُعبّرة للغاية ورهيبة. كما ربطت الاتصال بيني وبين فتيات أخريات. كلهنّ تعرّضن الى نفس الوضع وعشن نفس القصّة. قصّة تبدأ بطلب المشورة الدّينية وتتحوّل في نهاية المطاف إلى علاقة جنسية قهرية، برضاهُن أحيانا، وغالبا ما تكون عنيفة ومُهينة جدا، قبل أن تختتم بوابل من التّهديدات. وقد خضعت احداهنّ للعلاج الذي قد يترتّب عنه شكوى ضده. كنت قد عرضتها على قاضي لتشكو قضيتها. الاّ أن طارق رمضان كان يرعبها كثيرا. الى درجة التخيّل أن أحدا يُلاحقها. ومن الواضح أنها كانت هشّة للغاية من أجل الاستمرار والمُكابدة. فأبيت على نفسي دفعها اتّخاد مسار يُشتّت كيانها. فأنا من موقعي هذا أعلم حق اليقين أبعاد ومدى قوة العنف الذي تمارسه شبكات الإخوان المسلمين عندما يتصدّى أحدا "الأخ طارق". ولا اشك ان بعض مُصدّري المواعظ سوف يستهزؤون على نحو "الجميع يعلم ولا أحد تفوّه بكلمة". انهم لا يقدرون حق التقدير الاعصار الذي كان سيقصف بهذه المرأة الشابة إذا إستجرأت في ذلك الوقت كسر قانون الصّمت. الآن وبعد أن تحلّت هندا أياري بهذه الشجاعة، الأمر يختلف. فمن واجبي دعوة كلّ من باستطاعتها الإدلاء بشهادتها. في الصحافة أو عند مُحاكمته. لتجنّب التخلي عن هذه المرأة الشجاعة، وهي تواجه بمُفردها، هذه الحيوانات الشّرسة.


كارولين فوريست

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق