الجمعة، 16 نوفمبر 2018

قلق في مسيرة النساء Women’s March



تحت تهديد حريقين اندلعا بالقرب من منزلها في كاليفورنيا، أطلقت الممثلة أليسا ميلانو للتو قنبلة من العيار الثقيل. الانسانة التي انتقلت من الطفلة النجمة الجذّابة في سلسلة "تفضّلي سيدتي "(Madame est servie) إلى أحد الوجوه الأكثر شهرة في حركة "مي تو" #MeToo لا تنقصها الشجاعة ولا بعد النظر. في مقابلة أجرتها مع مجلة أدفوكايت Advocate، صرّحت أنها لن تحضر مسيرة النساء ( بتاريخ 19 يناير) حتى يُوضّح بعض قادتها علاقتهم بالحركة المعادية للسامية "أمة الإسلام".

هو موضوع مهم. اثنان من الشخصيات البارزة والحاضرة في مسيرة النساء الأمريكية قريبتان بالفعل من الحركة المُتطرّفة التابعة الى لويس فاراخان. ذلك المُتعصّب الذي لا يخفي إعجابه بهتلر. حيث صرّح في اجتماع عُقد في فبراير 2018، أن "اليهود مسؤولون عن جميع سلوكيات هوليود القذرة والمتدهورة، وتحويل الرجال إلى النساء والنساء إلى الرجال". قبل ان يردف مهدّدا: " سوف يموت البيض. والشيطان أيضا سوف يموت ​​. وفراخان [نعم، فهو يتحدث عن نفسه بصيغة  الغائب]، والحمد لله ، سوف يزيل الغطاء عن هؤلاء اليهود الشياطين. أنا هنا لأقول: وقتكم قد انتهى! "

كانت تاميكا مالوري، إحدى وجوه "مسيرة النساء" من حركة "حياة السود"، حاضرة في هذا التجمع. هي لم تشجب هذه الخطابات. كما لم تحذف من صفحاتها الصورة التي قبّلت فيها فرخان بِنَهم تحت لافتة عُنوانها (الأعظم على الإطلاق...) ... فعندما تجد نفسها تحت نيران المنتقدين نتيجة هذا التواطؤ، ترفض دائمًا إدانة التصريحات المشبوهة لمعلمها الروحي، ولكنها تُعرب عن إدانتها لمعاداة السامية. وهذا الأمر لا يلزمها في شيء. فبعد تفجير بيتسبرغ، اقل ما يمكن القيام به هو الادلاء بتصريح من هذا القبيل.

بيان المُهمّة هذا كافيا لطمئنة بعض الصحفيين الليبراليين العُميان بدون شك. لهذا تقدّمت أليسا ميلانو بطلب توضيح صريح. ومنذ ذلك الحين وهي تتعرض للإهانة بصخب. غير أن فنانين آخرين انضموا إليها. مثل ديبرا ميسينغ Debra Messing من مسلسل ويل وغريس " Will & Grace"  أو كورتني لوف Courtney Love ، التي وجّهت في خضم هذه الضجة تغريدات غاضبة الى ليندا صرصور. تلك الشخصية الكبريتية الأخرى في مسيرة النساء. شخصية مثيرة للجدل بدون أدنى شك.

شخصية نبعت من الأنشطة النضالية لصالح فلسطين (تيار الإخوان المسلمين وحماس) ، وقد اصبح مُحيّاها المشدود بالحجاب الآن يُمثّل الحركة النسوية في أمريكا. تفهي ُتقن فن الخطاب المزدوج تمامًا، ويمكنها جمع المال من أجل كنيس بيتسبيرغ من جانب ...، ومن جانب آخر، الاستخفاف من حدّة وطئ الحركات التي تُحرّض على كراهية اليهود. وفي عام 2012، قامت بنشر تغريدة جاء فيها: "عندما نكتب تاريخ الإسلام في أمريكا، فإن حركة أمة الإسلام جزء لا يتجزأ من هذا التاريخ." بصفة شخصية تَحُثّ شركائها في التيار الى عدم "أنسنة" الاسرائليين وتتحدث عن مقاومة ترامب كشكل من أشكال "الجهاد" وتدعو إخوانها واخواتها إلى رفض التطبيع: "أولويتنا، أولوية الأولويات، هي إرضاء الله والله وحده".

خطاب يتناسب تماما وموضوع الملصقة التي أصبحت شعار مسيرة النساء: امرأة مُحجّبة بألوان أمريكا تحت عنوان "الأمل" ... اختيار سبب صدمة في أوروبا. امّا في الولايات المتحدة، فلا أحدا يرى ان هناك أدنى مُشكلة. اعتاد الكل احترام السلوك الطائفي والرجعي، كما ان مُعظم الليبراليين الأمريكيين مقتنعون بأن الحجاب يرمز إلى الثقافة الإسلامية. ثقافة عجيبة وغريبة في أعينهم الى درجة تجاهل العداء العنيف الذي يعارض الحداثيين والأصوليين حول هذا الموضوع. لقد تعرّضت الحداثية الصومالية آيان هيرسي نظرًا لصمودها أمام هذه الثقافة، الى غضب ساطع من قبل المتعصبين ... مثل ليندا صرصور. ففي تغريدة نشرتها صرّحت هذه الأخيرة أنها لا تعترف بآيان كامرأة وترغب في "تمزيق مهبلها". أمر فضيع عندما نعرف أن آيان هيرسي علي تعرضت للختانة وأنها ما زالت تعيش تحت حماية الشرطة بسبب التهديدات بالقتل التي تطالها من قبل الأصوليين.

هذا هو وجه التقدّم والحركة النّسوية اللذان يُروّج لهما اليسار الأمريكي، باراك أوباما وبيرني ساندرز. مُذهل للغاية. فلا يمكن للمرء الا أن يرى أعراض داء يدينه مارك ليلا عن وجه حق في كتابه الأخير: "يسار الهُويّة" قادر على تقويض أميركا إلى أشلاء *. بات الفوز في انتخابات التجديد النصفي غير كافيًا. فبدون إعادة النظر في هذا اليسار، أضحت كراهية ترامب للنساء تتوعّد لنا بأيام سياسية رغدة...