الأربعاء، 26 فبراير 2020

"جيل مستاء" من شرطة الثقافة إلى شرطة الفكر

 


"انها حكاية حالات الإعدام الغوغائية   الصغيرةالمألوفة، والتي ينتهي بها الأمر إلى اجتياح خصوصيتنا، وتحديد هوياتنا، وفرض الرقابة على تبادلاتنا الديمقراطية. انه طاعون الحساسية. كل يوم، مجموعة أو أقلية أو فرد ينتصب نفسه كممثل لقضية ما، يطالب ويهدد ويلوي الدراع.

في كندا، فرض الطلاب حذف درس اليوغا حتى لا يخاطرون "بالاستيلاء" على الثقافة الهندية. في الولايات المتحدة، يقوم البعض بتحقيق "مطاردة الساحرات" لتعقب قوائم الطعام الآسيوية في المقاصف وكذا منع تدريس الأعمال الكلاسيكية العملاقة من فلوبير إلى دوستويفسكي لأنها تعتبر صادمة ومعيارية. كما بات الطلاب يستاؤون من أدنى اختلاف في الرأي، حيث يعتبرونه نوع من أنواع "الاعتداءات الصغيرة"، إلى درجة المطالبة بـ "فضاءات آمنة". حيث في الواقع يتعلم الانسان الفرار من الآخر ومن المناقشة.

وبالتالي فحسب الأصل الجغرافي أو الاجتماعي، وحسب الجنس ولون البشرة، وبحسب التاريخ الشخصي للفرد، يتم بسببه مصادرة الكلام. ذلك التخويف الذي يصل إلى حد حذف الدعم للإبداع وفصل الاساتذة. وقد اعتقدت فرنسا مقاومة هذا الأوامر، ولكن هنا أيضًا بعض المجموعات تحاول حظر المعارض والمسرحيات ... غالبًا ما تكون مناهضة للعنصرية! تحولت شرطة الثقافة إلى شرطة الفكر. فانتشرت دعاوى "التشهير" بشكل مهول. وأصبح "التملك الثقافي" هو التجديف الجديد الذي لا يعرف الا دينًا واحدًا فقط: دين "الأصول". "

دون الرغبة في العودة إلى عقود مضت، تسطر كارولين فوريست هنا مسارًا نسويًا ومناهضًا للعنصرية وعالميًا حقيقيّا، يمكّن التمييز في نهب التكريم الثقافي.

كارولين فوريست "جيل مُستاء" من شرطة الثقافة إلى شرطة الفكر

https://www.grasset.fr/livres/generation-offensee

الاثنين، 24 فبراير 2020

"لا يجب أن نرى الاستياء في كل مكان"

 

 © يان كوربي / أباكا 

في كتاب قيّم، أبدت الصحفية شعورها بالقلق من جيل الألفية الذي يتعقّب أحيانًا دون استبصار العنصرية والاستياء والاستيلاء الثقافي.

المقابلة التي أجرتها المجلة  "ايل" (هي) مع كارولين فوريست :

ايل: كيف تُعرّفين مفهوم "جيل مُستاء"؟

كارولين فوريست: إن جيل الألفية، لطيف إلى حد ما، هو الذي يشعر أنه "يَقِض" ("woke " باللغة الإنجليزية) ضد التمييز، وهو أمر رائع. إلا أنه يمكن أن يقع في أي لحظة في غياهب الرقابة والإعدام الغوغائي إذا قيل له أن شخصًا ما ارتكب "تجديفًا" يُعتبر "عنصريًا" أو إذا تم اتهامه بخطيئة "الاستيلاء الثقافي" الذي يتمثل في رفض استعارة رموز ثقافة أخرى، حتى لو أردنا تكريمها ورد اعتبارها.

ايل: كيف انتقلنا من شعارات "ثمانية وستين" ( 1968) مثال "يُمنع المنع" "Il est interdire de interdire" إلى "جيل الإلغاء" (من كلمة "cancel " بالإنجليزية)؟

كارولين فوريست. ينجرف هذا "الجيل المُستاء" بسرعة. لا يأخذ بعين الاعتبار لا السياق ولا النوايا. إلى درجة الخلط بين كل شيء: الإجلال مع النهب. يعتقد أنه مناهض للعنصرية الى أقصى حد. في الواقع، تلتهمه أزمة الهوية. يود ألا تتحدث النسويات البيض عن الحجاب أو الختان، وأن الموسيقيين السود فقط هم من يغنون موسيقى الجاز، وأن يلعب في شخصيات الافلام ممثلون لديهم نفس الحامض النووي، ونفس التوجه الجنسي أو الهوية نفسها ...

ايل: هذا الارتباك الذي يتحول أحيانًا إلى ترهيب، هل تشجعه الشبكات الاجتماعية؟

كارولين فوريست: بكل وضوح. فعلى الإنترنت، أدنى جدل حول "الاستيلاء الثقافي" كفيل بإيقاد النار. أصبح النجوم يعتذرون من الصباح إلى المساء. كما أن العلامات التجارية التي تخشى المقاطعة تستسلم لأدنى ضجة سلبية. أحيانا دون وجه حق عندما يتعلق الأمر بالاستلهام من الثقافات الأخر والتمازج: وليس النهب. وأحيانا عن حق عندما تكون تستلهم منتوجاتها من نمط أو لباس تقليدي في تحدّ صريح لشكل من أشكال حقوق النشر.

ايل: إن ما تقولينه عن "ثقافة المضلومية" في الجامعات الأمريكية أمر مُخيف. هل فرنسا محمية إلى حد ما من هذا؟

كارولين فوريست: نحن نعيش في عصر يزرع المضلومية. أفضل طريقة لاثارة الانتباه هي أن تقول أنّك "مُستاء". إنه تعبير نسمعه طوال اليوم في الجامعات الأمريكية، حيث يشكو الطلبة من "الإنزعاجات الصغيرة" عندما يخاطر المعلم بجعلهم يفكرون أو "يضايقهم" لدرجة فرض "مساحة آمنة" ("safe space "). ففي بعض الجامعات المرموقة، يلتزم الأساتذة بتحذيرهم من المحتوى "المسيء" قبل دراسة الأعمال الكلاسيكية مثل:  "التحولات" لأوفيد. يمكن للطلاب الانسحاب من الدورة بشكل وقائي. في كندا، قام الطلاب بمنع درس اليوجا حتى لا يتم "الاستيلاء" على الثقافة الهندية! نحن نضحك على ذلك. في فرنسا، هذه الانتقادات موضع استياء ومثيرة للجدل. لكن الى متى؟ ان هذه الطريقة المتمثلة في رؤية الإساءة في كل مكان في طريقها الى جامعاتنا، من خلال الطلاب والمعلمين المتشبعين بالثقافة لا إستعمارية والانجلوساكسونية.

ايل: هل أنت كنت، مثل مجتمعنا، مهتاجة عاطفيا في وقت ما في حياتك؟

كارولين فوريست: لقد عانيت بدوري من هذا التطرف عندما كنت أصغر سناً. كنت قد اكتشفت للتو مثليتي الجنسية وعنف هيمنة الذكور. لقد عشت وما زلت أعيش بشكل سيء للغاية أدنى كلمة تذكر بالقاعدة أوالتنبيه. لكن بدلاً من الهروب من مناقشة الأفكار، قمت باستيعابها لإسماع الصوت آخر. آمل أن يقوم هؤلاء النشطاء على مر السنين بتوضيح أفكارهم وأن يرغب بإضافة وجهة نظرهم بدلاً من مراقبة أفكار الآخرين. يجب أن يعتز الشباب دائمًا بالحرية. ومن  أجل ذلك، علينا التحدّث معه.

"جيل مُستاء" (دار النشر غراسي Grasset) ، في المكتبات في 26 فبراير.


https://www.elle.fr/Societe/Interviews/Caroline-Fourest-On-ne-doit-pas-voir-l-offense-partout