الجمعة، 8 نوفمبر 2019

يسعى مصطلح "اسلاموفوبيا " إلى اعتبار التقييم النقدي للدين شكل من أشكال العنصرية






بعد كل هجوم، أينما حلّ وارتحل، يقوم هذا المصطلح بزرع الارتباك والشِّقاق. إنه مصطلح "الإسلاموفوبيا".

انه صراع يومي من أجل التعريف الجيد للأشياء ووضع النقاط على الحروف" حتى لا نثقل كاهل العالم بمصيبة أخرى "، كما تنبأ ألبير كامو. أصبحت الدّقة الدلالية مسألة حياة او موت منذ 11 أيلول (سبتمبر) 2001. ومنذ أن أصبحت الإسلاموية تقتل والعنصرية تحصد. فبعد كل هجوم، أينما ذهبت، تجد مصطلحا يزرع دائما الارتباك والشِّقاق. إنّه مصطلح "الاسلاموفوبيا.

في وقت بدأنا نعرف مرحلة من الهجمات المعادية للمسلمين، بعد سنوات من الهجمات الإسلاموية، سيتسنى لهذا المصطلح اتمام عمله الانقسامي. في وقت نحن في أشد الحاجة إلى تجميع أشلائنا مجدّدا، ها هو الآن يُحوِّل كل حروق أفئدتنا إلى "رقابة". بفضل معناه المزدوج، وأصله المضلّل وتسخيره لأغراض مشبوهة، فهو يكثم انفاس مناقشاتنا ويستنزف جهودنا في محاولتنا رفع اللبس وعلاج سوء الفهم الذي قد يولده استخدامه، مُسيء كان ام ساذج.

فالاثنان يتعايشان. يميل استخدامه المسيء إلى اعتبار أي تقييم نقدي للدين أو للأصولية شكل من اشكال العنصرية. أما الاستخدام الساذج فهو يقصد بكل إخلاص استهداف العنصرية المعادية للمسلمين. وسرعان ما يغمر الاستخدام الساذج لمصطلح الاسلاموفوبيا التأويل المُوسع والمُسيء. فحرفيًا وأصليّا، تعني كلمة "الاسلاموفوبيا" أولئك "الذين يخافون من الإسلام"، وليس أولئك الذين يكرهون المسلمين.

إيران وفرنسا

لعقود، ومنذ حكم ملالي إيران، ومنذ قضية رشدي في إنجلترا، يسمح هذا المصطلح بوضع الكارهين والمُتَيَقِّظين في نفس القالب، حتى لو كانوا مسلمين أو مسلمين سابقين. فالمحاكمة في قضية "الاسلاموفوبيا"، أكثر فعالية من المحاكمة في قضية الرّدّة، حيث تعمل على كبح اصواتهم.

لتجنب هذا الانجراف، يكفي أن تكون دقيقًا وتُنادي ضد العنصرية المعادية للمسلمين أو "رهاب المسلمين". هذان التعبيران الأكثر دقة يتجنبان الخلط وانتهاك لحرية التعبير. ولكن في عصرنا هذا، البقاء لما قلّ ودل. كلمة "اسلاموفوبيا" أقصر. فالارتباك الناتج عن تحديد مفهومه القاتل يفوز وبلا شك. كما ان الدّقة التي قد تُوَحّد بيننا وتُنقد أرواحنا لا تُشكّل بالبتّة هدف المهنيِّين عند مكافحة "الاسلاموفوبيا". إنهم يريدون تقسيمنا وترهيبنا ووضعنا تحت الرّقابة.

نحن لا نراهم أبدًا يقفون بجانبنا عند التحقيق حول اليمين المتطرف والتنديد به. كما نادراً ما يتم سماعهم وهم يتظاهرون تحت لواء مصطلح الاسلاموفوبيا لمناهضة "المصير" العنصري المحض الذي يعانيان منه الروهينجا أو اليوغور. كل طاقاتهم تصب نحو إقصاء العلمانيين، وحتى المسلمين العلمانيين. فبين أيديهم وعلى شفاههم لا يقصد مصطلح "اسلاموفوبيا" حماية ضحايا العنصرية، بل حماية الديانة من التقييم النقدي.

باسم رؤية مسيئة لكلمة "اسلاموفوبيا" ، تم شن في السنوات الأخيرة كل حملات الترهيب التي تهدف إلى كبح نقد الأصولية، وبالتحديد تلك التي ضربت فيها الأصولية وحصدت الارواح. لقد تطرق اليها شارب قبل أن يموت في رسالته موجهة لمحتالين الاسلاموفوبيا الذين يلعبون لعبة العنصريين.

تمجيد الكراهية

عندما ظهر كتابه بعد وفاته، كنت أحذّر لأكثر من اثني عشر عامًا في كتابي "العلمانية على محك الأصوليات اليهودية والمسيحية والإسلامية" (الذي كتبته بمعية فياميتا فينّر)، في الاعمدة الصحفية وفي مجلة شارلي. من سوف يَصغى الى هذه الفوارق والتّفاصيل الدقيقة الآن؟ من سيصدق أن هذه التحذيرات لا تهدف بأي حال من الأحوال إلى التقليل من خطر العنصرية المعادية للمسلمين، ولكن ترفض الفخ الذي نُصب لنا؟ الا وهو تهديد حرية التعبير عن طريق دمجها بالكراهية. وتمجيد الكراهية المتنكرة في لباس حرية التعبير.

لا يزال بإمكاننا تجاوز هذا الفخ. من خلال التعبئة تحت الشعارات الصّائبة بمعيّة رُفقة ذو مصداقية. وذلك من خلال النداء لمناهضة "العنصرية المعادية للمسلمين" أو "رهاب المسلمين" إلى جانب المنظمات المناهضة للعنصرية، وليس المناصِرة للأصولية. التظاهر ضد "الاسلاموفوبيا" إلى جانب منظمات اليمين المتطرف المسلم يرقى إلى التظاهر ضد "رهاب المسيحية" إلى جانب اليمين المتطرف المسيحي. لم يفكر أحد في الأمر، حتى عندما ذبح الجهاديون الكهنة. لماذا إذن القيام بذلك عندما يهاجم العنصريون المساجد؟ ما نوع الغرابة التي تمنعنا من رؤية هذا الخطر؟ يمكننا التظاهر ضد اي شيء، ولكن ليس مع أي كان.

كارولين فوريست

الخميس، 10 أكتوبر 2019

كلنا أكراد




كان شارب يقول "لا أعرف كلمة باللغة الكردية". ومع ذلك، "أفكر كردي، أتكلم كردي ، أغني كردي ، أبكي كردي. الأكراد المحاصرون في سوريا ليسوا أكراد، إنهم شعار الإنسانية التي تقاوم القوى الظلامية. تلك كلمات نطقها شارب قبل الوقوع تحت رصاص هذه القوى. كان يحلم بالانضمام اليهم. مات هنا. دون أن يرى بأم عينيه أعقاب هذه المعارك. ضحّى أحد عشر ألف كردي بحياتهم حتى تتوقف القوى الظلامية من اختراق والسيطرة على حياتنا.

لا تزال قوات سوريا الديمقراطية، تلك القوى التي تمزج بين الأكراد والعرب، تحتفظ بجلادينا. في شمال سوريا، يحاول المزيد من الأكراد المناضلين إدارة روجافا النسوية والإيكولوجية والعلمانية. انه هذا الأمل، هذه القطعة الأرضية الخصبة، التي يريد الخليفة أردوغان سحقها تحت أقدامه بحجة تأمين حدوده. إنه لا يستهدف أعدائه من الداخل فقط. فالأكراد السوريين ووحدات حماية الشعب وجنديات وحدات حماية المرأة والجنود الذين قاتلوا داعش هم الذين تسببوا له في الأرق ومنعوه من النوم. بسبب هذا المشروع المجتمعي المضاد تماما لمشروع المجتمع الإسلامي وطيفه الثيوقراطي. لقد لقي المئات من الناشطين الأكراد والعديد من المتطوعين الدوليين حتفهم تحت القنابل التركية في عفرين. تم اختطاف آخرين أو تمزيق أجسادهم من قبل جنود أردوغان. فالميليشيات المرتزقة والمسلّحة من قبل الأتراك، تنتظر مجرد إشارة لتتهافت على إراقة الدماء وممارسة التطهير العرقي. متحمسين الى أقصى حد وفي غاية الشغف لاقتراف أبشع الأفعال. العديد من الفيديوهات تظهرهم يغنون الأغاني العسكرية للإمبراطورية العثمانية. وآخرون يحلمون بصوت عالٍ باستكمال عمل الخلافة من خلال القضاء على الأيزيديين، الذين يعتبرهم جميع الجهاديين عبدة الشيطان. حتى عندما تظاهرت تركيا بمقاتلة داعش، كان يُسمح للجهاديين عبور الحدود والحصول على العلاج من أصدقائهم الأتراك. ما رأيك فيما سيفعلون بهؤلاء السجناء وإخوانهم في الوجدان بمجرد سحق حراسهم الأكراد؟ فسوف يسمحون لهم بالرحيل. وسوف نتقابل معهم من جديد. حتى ينفجروا في وجوهنا.

من خلال سحب قواته كجبان، لادخار أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، أعاد دونالد ترامب فتح أبواب الجحيم. لقد خذل وخان بالفعل قوة الكلمة الأمريكية بعدما أقنعه الرئيس التركي على الهاتف بتغيير رأيه، كمُبتدأ أو هاوي، ثم بعد ذلك بادر في محاولة بئيسة منه للتخفيف من وطأة ضغط جنرالاته، وقد أذهلتهم نتائج هذه المحادثة واتخاد هذا القرار. ارتفع الضغط من جديد. وازداد الغضب بين صفوف الديمقراطيين والجمهوريين. وتعمّد الرئيس الأمريكي وهو مذلول ومهان وربما قد يتم تنحيه عن الحكم قريبًا، يُحاكي السيطرة على الوضع. نسمعه يطلق رعدة (عفوا تغريدة) أنه سيسحق الاقتصاد التركي إذا حاربوا بقوة الأكراد. ماذا لو ذبحوهم بلطف، هل هذا مقبول؟

ما هذا الجنون. يا لها من كارثة. لم تعد الكلمة الأمريكية لها قيمة. أصبحت مسخرة، مثل الدمية المفسوخة والتافهة التي انتخبها الأمريكيون. فلاديمير بوتين ينظر اليه وهو يتمايل مثل مهرج البلاط فيضحك من أعماقه. الآن وبعد أن وسخ دونالد ترامب زي الشرطي في العالم أصبحت روسيا والنظام السوري أسياد اللعبة مرة أخرى، وعليه، يضطر العالم، حتى بعض الأكراد، إلى الالتفات اليهما عندما ستسيل الدماء. بالإضافة إلى عجز الأمم المتحدة، المشلولة بسبب الفيتو الروسي، سترى النور بعد ذلك أزمة هائلة داخل الناتو، ممزقة من الداخل بسبب جنون حليفه التركي. ضربة مزدوجة لصالح المستبدين. وضربة استاذ للمشككين. لعبة حب الذات حقيقية تمارس مرة أخرى، على ظهور الأكراد. ربما صغار جدًا أو نبلاء الى اقصى حد حتى لا يدفعوا الثمن الذي يفرضه الأقوياء. هذا التخلي، للأسف، كان يمكن التنبؤ به. وقد ترقبه الكثير منا. ولكن على عكس فيلم تم الانتهاء من تصويره، يمكن كتابة القصة بشكل مختلف. يمكن مواجهة الحتمية. فالعاطفة والعالم، وقفوا وقفة رجل واحد والتفوا حول الأكراد. هذا يُثبت أننا لم ننسى. فالشعوب في بعض الأحيان أكثر شرف من حكامها. والأكراد، هذه المرة، ليس لديهم الجبال فقط كأصدقاء. فرنسا لا تزال وفية لهم. يمكنها إنقاذ الشرف. عن طريق أخذ نواة من الجيش الأوروبي، تتألف من قوات خاصة من عدة بلدان، والتي يمكن أن تتدخل رمزيا. سيكون أجمل رمز. الدليل على وجود أوروبا، وتجسيدها لغرب الآخر. متعدد الأطراف وموثوق به. لقد بات أمر ضروري من أجل تحقيق التوازن في العالم وحمايتنا.

كارولين فوريست

الأربعاء، 2 أكتوبر 2019

حوار مع كارولين فوريست عن شريطها الروائي حول المقاتلات الأكراد " اخوات في السلاح"







تقرير مع كارولين فوريست المتعلق بشريطها الروائي حول المقاتلات الأكراد، وأيضًا عن الاتهامات التي تتعرض لها غالب الحيان، بما في ذلك "رهاب الإسلام"

بالنسبة لنا، نحن الصحفيون الأكراد، الذين يهتمون بشكل رئيسي بأخبار كردستان، من الصعب متابعة كل الأخبار الفرنسية. عندما رأيت مقطع الفيلم " اخوات في السلاح"Sisters in Arms" " الذي سيتم عرضه في دور السينما ابتداء من 9 أكتوبر القادم، تأثرت مثل جميع أبناء بلدي. تم تصوير المقاتلات الأكراد على أنهم بطلات وليس "إرهابيات" ، وهو ما يحاول أعداء الأكراد وضعه في أذهان الناس باعتباره الانطباع الوحيد.

انجزت تحقيقا صحفيا مع مخرجة الفيلم، كارولين فوريست، وهي شخصية معروفة في فرنسا. لديها معجبين، ولكن أيضًا الكثير من الأعداء. أردنا طرح بعض الأسئلة حول شريطها الروائي، لكننا انتهزنا الفرصة لطرح بعض الأسئلة حول بعض الاتهامات التي تواجهها. هذا التقرير طويلا، لكنه ضروري نظرًا للمناقشات الرائجة والقائمة على الساحة حاليا.

أيدين باران: أود أن أبدأ من الأساس: كيف تعرفت على الأكراد؟

كارولين فوريست:  لقد تذكرت، بعد مرور مُدّة من الزمن من شروعي في اخراج هذا الفيلم، أنني كتبت احدى مقالاتي الأولى كصحفية، حول الأكراد في عام 1995. كان سنّي يناهز 20 عامًا. تحدثت عن التمييز الذي يتعرضون له في تركيا. حتى أنني ندّدت بالنزعات الفاشية للنظام التركي في ذلك الوقت. شكّل ذلك أحد الأسباب التي طُردت بسببها من صحيفة الطلاب التي كنت اشتغل بها. مقالاتي كانت سياسية للغاية! كان ذلك أول ارتباط لي بالقضية الكردية. ثم عدت، بالطبع، مع الحرب ضد داعش. في غضون ذلك أصبحت مُهتمة بالمقاتلات الكرديات عبرالسينما، من خلال فيلم من تأليف هينر سليم "حلوة بيبر لاند". بالكاد لمَحْتهن في الشريط، ولكن هذا الظهور كان كافيا لإثارة فُضولي. عندما أدركت أن المقاتلات الكرديات كانوا في طليعة معركتنا المشتركة ضد الدولة الإسلاموية، بدأت أتابعهن وأقرأ كل شيء عنهن وعن الناجيات من الأيزيديات. ومنذ هجمات تشارلي وباريس، اشتقت الذهاب إلى الجبهة. فانتهى بي الأمر للذهاب إلى كردستان عدة مرات قبل وبعد معركة الموصل. في جبل سنجار أو عند قاعدة باشيكا، وأحيانًا على ارتفاع 800 متر من الجبهة، قابلت جميع أنواع المقاتلات، من جميع التوجهات من الفدائيين والبشمركة.

أيدين باران: هل ذهبت إلى كردستان قبل أو بعد الإبادة الجماعية للأيزيديين في سنجار؟

كارولين فوريست: كانت المرة الأولى في عام 2016، قبل استرجاع الموصل، ولكن بعد الإبادة الجماعية في سنجار. سبق بالفعل استرجاع المدينة من داعش. مشيت على الأنقاض. آخر جثث تم اجلاؤها للتو. كنا لوحدنا تقريباً ونمنا على سطح إحدى منازل العائلات الأيزيدية القليلة التي تمكنت من العودة إلى ديارها.

أيدين باران: هل انبثق هذا المشروع السينمائي من افكارك لوحدك أم من فريق يشتغل معك؟

كارولين فوريست : لم يكن قط ورائي فريق. عادة عندما تكون لدي فكرة، فهي من وحي افكاري قد تكون نابعة من شريكة حياتي ونتحدث عنها سويا. كان هذا الفيلم هاجسي الشخصي. لكن لصنع شريط سينمائي، فأنت بحاجة إلى فرقة جماعية. لقد تحدثت عن فكرتي لمنتجين شابين، ليو مايدنبيرج وجاد بن عمار. لقد أحبوا ذلك وطلبوا مني كتابة السيناريو. فاعجبا بالسيناريو. وهكذا بدئنا مسار المحارب. بالنسبة لجميع الأفلام، وخاصة أول الأفلام، فإن أصعب شيء هو العثور على التمويل. لقد وثقت فينا  شركة فرنسا 2 والمتروبوليتان وهكذا تم انقادنا.

أيدين باران: لماذا هذا الرغبة في الانتقال من الأفلام الوثائقية أو الكتب إلى فيلم روائي؟

كارولين فوريست: فكرة الانتقال إلى الخيال جاءت بعد 7 يناير 2015 والهجوم على تشارلي إبدو. لقد كنت أعمل منذ ما يقرب من خمسة عشر عامًا على الإسلام، والتطرف عمومًا، سواء كان أصوليًا أو عنصريًا. لقد واجهت تقريبا كل المجموعات الأكثر معارضة للحداثة سواء أكانت من اليمين المتطرف أم الجبهة الوطنية أم الإخوان المسلمين. مع الهجوم على تشارلي إبدو، فقدت العديد من زملائي والعديد من أصدقائي. لقد أصبح من الصعب على نحو متزايد الرد على الدعاية التي يقوم بها المتطرفون فقط من باب العقل والاعتدال والهدوء وهم من بين الخصال المعهودة في والتي أمتاز بها خلال المناقشات المتلفزة التي أشارك فيها بشهادة الجميع. كنت أشعر بإحساس قوي، يكاد يفيض، والرغبة في أن تتوقف هذه الدعاية. أصبحت الهجمات على باريس لا تطاق. كنا نعلم من باريس أن الأكراد متواجدون في الخط الأمامي للدفاع عنا. أخد صديقي شارب علما بهذا الأمر. كان معجبا بالمقاتلين الأكراد. أخبرني والديه بالأمر مرارا وتكرارا: لقد كان يحلم بالانضمام إليهم قبل قتله. شعرت بنفس الرغبة تراوضني بعد الهجمات. كنت أرغب في الذهاب إلى هناك، وتقديم الدعم لهم، بطريقة أو بأخرى. ولمقاومة الرغبة في حمل السلاح، تصورت "أخوات السلاح". أنا قناصة جيدة في النقاش، لكنني لست متأكدة من أنني مفيدة جدًا في الجبهة. ما يمكنني فعله هو الإخبار والإرسال وتسليط الضوء.

هذا الشريط الروائي السينمائي هو طريقتي في القتال إلى جانب أولئك الذين دافعوا عنا. إنه أيضًا جواب للدعاية الإسلاموية. هي التي تمكنت من إغواء الشباب في أوروبا، لإقناعهم بأنهم حلفاء الإنسانية، والعدالة، ولإقناعهم بمغادرة أسرهم، لاستعمار منطقة لم يكونوا يعرفونها قط، وهي ليست بلدهم، قصد استعباد النساء والأطفال. لدي معرفة جيّدة بهذه الدعاية. أنا أعرف كيفية الإجابة عليها. يتعامل الجهاديون مع مقاطع الفيديو جيدًا على الإنترنت. لكن الديمقراطيون يملكون سلطة ليست في متناولهم: السينما! غير انهم لا يستغلونها بما فيه الكفاية. أردت أن أصنع شريطا سينمائيا حربياً نسائياً، يرسم ملامح الوجه البطولي الذي تَميّز بها الشباب الذين ناضلوا في الجانب المناسب ألا وهي مقاومة الأشرار وليس في الجانب الظلامي.
كصحفي(ة)، نحن ملزمون بتغطية جرائم الإرهابيين وأحيانًا إضفاء عليهم صبغة "أبطال"، رُغما عنا، في نشرات الأخبار. كُلّما قتلوا، كلما احتلوا الصدارة في عناوين نشرات الأخبار. في الوقت نفسه، شعرت بأننا بالكاد نلمح أثر المقاومة، وبطولة أولئك الذين شاركوا في المواجهة. هم شباب متطوعون غادروا منازلهم وعائلاتهم وبلدهم، وأحيانًا في سن يناهز 18 عامًا، للمشاركة في المقاومة الكردية. يود هذا الشريط الروائي الإشادة بهم. لقد تعرّف بعض المتطوعين على أنفسهم في هذا الشريط فحظيت بامتنانهم، والدموع في أعينهم. هذه أجمل مكافأة. وهذا الأمر بالنسبة لي يساوي كل المهرجانات.

أيدين باران: أين تقع أحداث شريطك الروائي؟

كارولين فوريست: لم أقم بتعريفها جغرافيا. فهي تقع في مكان ما بين العراق وسوريا. أعلم أنه سيكون من الصعب على أصدقائنا في الميدان فهم ذلك، أولئك الذين لديهم دراية كبيرة بالقضية الكردية وتفاصيل هذه الحرب، لكنني آمل في أن يظل هذا الفيلم بمثابة المشبه به واستعارة لحرب النساء والأكراد ضد المتعصبين. ولكي لا تتقادم تلك الأحداث مع السقوط المتوقع لداعش كدولة سياسية، تفاديت الخوض في غمار تفاصيل كانت إقليمية للغاية أو قائمة على أساس جماعي بحت. في هذا الرواية، يتم تجميع الأكراد تحت لواء واحد من صميم الخيال (الذي قمت بتصميمه من عدة أعلام) ويأخذ العلم الأسود للجهاديين رموز جميع المجموعات التي ترغب في إقامة الخلافة، مثل السيوف التي تتقاطع. سواء كانت تسميتهم داعش أو الإخوان المسلمين أو الميليشيات الجهادية التركية، كلها تشكل معضلة. لان هناك استمرارية بينهما. كلهم يحلمون بفرض استعادة سيادة ثيوقراطية على حساب النساء والأقليات غير الإسلامية. فالمعركة لم تنته بعد مع داعش. تحكي قصة شرطي الروائي انتصار أولي ضدهم. من الواضح أن توحيد جميع الأكراد تحت لواء واحد هو من نسيج الخيال اليوم. ولكن هذا هو ما سيتذكره التاريخ في النهاية: جميع الأكراد قاتلوا جنبًا إلى جنب، إن لم يكن معًا، ضد هؤلاء المتعصبين. وهذا هو الأهم. إذا تطرقتم إلى تفاصيل الملشيات، فستفقدون انتباه المشاهد وتغفلون ما هو مهم وأساسي. آمل أن يساهم هذا الشريط الروائي في التّمعن الى ما وراء هذه الانقسامات، والتي لم يفهمها الجمهورالصرف ، حتى يحلم بمستقبل مشترك.
إنه حقًا فيلم موجه الى الشباب، على أمل ألا يسمحوا لأنفسهم بأن يصبحوا عرضة للإغواء من قبل دعاية جماعات مثل داعش الماضي والمستقبل.

أيدين باران: تعتقدين أنه يستطيع مقاومة الزمان...

كارولين فوريست: أعتقد ذلك. ومن ثم بشكل موضوعي، شرح ماهية الثقافة الإيزيدية في غاية الأهمية، على سبيل المثال، وهو ما يقوم به هذا الشريط، بدلاً من الدخول في عداوات بين البيشمركة ووحدات الحماية الكردية، لدي معرف بهذه الانقسامات وبأسبابها. ذهبت إلى الميدان وقابلت كل المجموعات. لكن هذا الفيلم هو فيلم عن النساء، يتحدث عن قوتهن كمحاربات. والخوف الذي يلهمهن للجهاديين.

أيدين باران: أين قمت بتصوير هذا الفيلم؟

كارولين فوريست: تم تصوير بعض المشاهد في كردستان العراق. أردت ذلك. لم يكن الأمر سهلاً ، لكنني أردت ذلك. تم تصوير معظم الفيلم في المغرب بفضل فريق رائع شارك في صناعة العديد من أفلام الحرب الأمريكية الرائعة. وبأمانة، حاولنا كلّ ما في مقدورنا حتى يتحول التصوير بدلاً من ذلك إلى العراق. كانت لدينا ميزانية، وقد قمنا بكل ما في جهدنا لإيجاد شركة التأمين التي وافقت على التصوير، أمر في غاية التعقيد وصداع مطلق. غير أن تكاليف التصوير بالإضافة إلى قضايا الأمن والنقل، كانت مذهلة للغاية.
عندما أعلنت كردستان العراق فكرة الاستفتاء، لم يعد من الممكن التخطيط للتصوير هناك. لو كنا احتفظنا بفكرتنا في الانتقال إلى هناك، كان علينا التخلي عن كل شيء بسبب إغلاق المطار. وبالتالي التخلي عن فكرة تصوير الفيلم . أقنعني المنتجون، رغم شكوكي، أننا لا نستطيع ذلك وأننا لا يمكن أن نتحمل هذه المخاطر، وأنه كان علينا أن ننتقل إلى المغرب. بطريقة ما حررنا هذا الأمر كذلك من التطرق الى التراب الاقليمي بين سوريا والعراق، لتحريرنا أيضًا من مسألة التحركات المختلفة. لقد صورنا بِحُرية كبيرة. لقد عشنا لحظات ساحرة للغاية حول هذه الموضوعات من خلال العمل مع الأمازيغ والعرب المغاربة الذين تعلقوا تمامًا بالأكراد والأيزيديين. طلبت من المفوضية مساعدتي في الاتصال باللاجئين. تمكنا من العثور على العديد من الأسر الكردية من كوباني، بما في ذلك عائلة الكُردي. لقد استأجرناهم وساعدونا في تدريب الممثلين، والتحقق من اللغة الكردية على الفور، والتيقُّن من العديد من التفاصيل الصغيرة. العديد من أفراد الأسرة يتقمصون أدوارا في الفيلم. قرية زارا، بطلة الفيلم، هي قرية أمازيغية جبلية قمت بصناعتها بيدي انطلاقا من خريطة جوجل.

أيدين باران: أعرف الحضارة الأمازيغية جيدًا، وقد تعلمت بعض الشيء من لغتهم.

كارولين فوريست: القرب من الثقافة الكردية واضح. عشنا لحظات في هذه القرية الأمزيغية. وبُني معبد يزيدي على قاعدة قبر والي صالح. كان يعلوه مخروط يزيدي. في البداية، لم يكن الأمر سهلاً. كان علينا أن نتفاوض مع أبناء القرية. ولكن بمجرد نصب المخروط وبدأنا التصوير، أحبوا ذلك. عندما غادرنا، لم يرغبوا في تفكيكه، احتفظت به القرية. وبذلك قمنا ببناء معبد إيزيديًا في المغرب! عشنا ألف شيء من هذا القبيل، والتي كانت رائعة. كما قمنا بتصوير بعض المشاهد مع البشمركة في كردستان العراق، والتي يجب أن أقول أنّها كانت رائعة وفي منتهى التلقائية. لم يطلبوا أبدًا منا رؤية السيناريو، كانوا على علم دائمًا بأنه ستكون هناك جميع الفرق ممثلة في هذا الفيلم، وكانوا يعلمون أننا سنتحدث عن جميع حلقات الإبادة الجماعية التي وقعت للإيزيديين وأتاحوا لنا 47 سيارات مدرعة ومقاتلين ومقاتلين، لتصوير مشاهد جميلة جدا. تمكنا من استغلال بعض القواعد، وضعنا خطط لطائرات الدرون التي أضفت كثير من الواقعية والهيبة. تمت إضافة كل هذا الجزء من كردستان في منتصف المونتاج، لأنني أردت ذلك حقًا. ونظرًا أنه لم يتبق أي أموال لإنهاء الإنتاج وكنت مُثنية عن الذهاب إلى كردستان، تكلفنا أنا وشريكة حياتي بتمويل هذا التصوير، فقد شكلنا فريقا صغيرا جدًا. أصغر فريق في تاريخ السينما! كلتانا، عامل وطيار! لقد ساعدتنا حينها تجربتنا في تصوير عشرين فيلما وثائقيا.

أيدين باران: بالضبط فيما يتعلق بالميزانية. يجب أن يكون لديك ميزانية كبيرة لتتمكنين من تصوير هذا الفيلم. من أين أتتك الأموال؟

كارولين فوريست: مثل جميع الأفلام، يرجع الفضل في طرح الميزانيات الى القنوات، في هذه الحالة فرانس 2 ، وإلى موزع مثل ميتروبوليتان، الذي قدم معظم التمويل مع منتجنا الإيطالي ايغل. ولكن قبل كل شيء، لم يكن لدينا ميزانية كبيرة. لقد صنعنا فيلم حرب بميزانية فيلم عادي، او فيلم مؤلف فرنسي. كان هذا الأمر الأكثر إرهاقًا والأكثر تعقيدًا.

أيدين باران: أطرح هذا السؤال ، لأن نظريات المؤامرة تزعم أن "جماعات الضغط اليهودية مَوّلت هذا الفيلم، وإلا لكان من المستحيل على أي شخص، وهو صحفي أن يديره".

كارولين فوريست: ما هو يثير انتباهي مع المؤامرين هو أن هناك دائما مؤامرة يهودية وراء كل شيء. حتى لو لم تكن المخرجة يهودية وحتى لو تم تصويره بالمغرب، مع فريق مغربي في الغالب، وعن شعب يدعى الأكراد. لكن نعم، أطمئنهم، لأننا لسنا معادون للسامية، هناك أيضًا يهود وعرب ومثليين والغيريين والأكراد والرجال والنساء والمتدينين والملحدين. كل هذا القوم شارك في اعداد هذا الفيلم. إنه فيلم عالمي. ونحن فخورون به جدا.

أيدين باران: لذا ، لا توجد جماعات ضغط وراءك!

كارولين فوريست :لا شركات النفط ولا منتجات الألبان، ولا الشوكولاته. لا. من ناحية أخرى، هناك أشخاص يحبون السينما الملتزمة وغيرهم ممن يرغبون في تغيير العالم لردع التعصب والدعاية للكراهية. لقد أقنعناهم، أنا والمُنتجان، ليو وجاد ، أن فيلم حرب شعبي عظيم يروي قصة الأيزيديين وشجاعة الأكراد كان أحسن وأنسب رد. لم يكن الأمر سهلاً. موضوع يخيف الموزعين. لقد استقبلوني بلطف، لكنهم لم يصَدقوا أنني أستطيع قيادة مثل هذا المشروع من أجل تحقيق شريطي الروائي الأول. وكان المنتجون مبتدئون أيضا.
لقد أخرجنا هذا الفيلم من الأرض من وِجداننا. وصببنا قلوبنا من أجله. لأننا كنا نؤمن به ولا نفكر الا في انجازه فقط. من خلال العمل دون توقف. هناك الكثير من الأشغال التي اضطررنا القيام بها بأنفسنا للوصول إلى هذا المبتغى. كما أخذ المنتجان من بلدي الكثير من المخاطر. الممثلات كانت رائعات بشكل خاص، فقد وافقن جميعًا حد أدنى من الأجور. هذا ما سمح لنا بالتصوير في المغرب مع فرقة رائعة كانت مكرسة لشريطنا باحترافية وشغف وجنون، حتى عندما كنا نصور خلال شهر رمضان، وكانوا جائعين وكنا نتجاوز المدة الزمنية المحددة لإكمال المشهد.


أيدين باران:  مع ذلك، كان ناجحًا باعتراف بعض الأصدقاء الذين حظوا بمشاهدة الشريط الروائي بدعوة منكم! أخبرني صديق عن دراية جيدة بهذه القضية وهذه المنطقة "لأول مرة أستمتعت حقا بفيلم حول هذا الموضوع"

كارولين فوريست:  هذا ما أثّر كثيرا في خاطري. عندما اخبرني النشطاء الأكراد و المقاتلون والنّاجون أنهم أحبوا مشاهدة الشريط الروائي.

أيدين باران: كيف ينبغي أن تستقطب هذه المقاومة ضد داعش، اهتمام جميع النساء وكيف يمكن للفيلم ان يَعني الكثير لجميع النساء؟

كارولين فوريست: إنها وبدون شك الحرب الدولية الأولى حيث نجد أنفسنا في نفس الوقت بصدد ذروة القمع والكراهية ضد المرأة والمقاومة النسوية. ما حدث للمرأة الأيزيدية يستحضر جميع الاختيارات التي تعبر عن فظائع الأبوية. وفي الحرب نفسها، تعرض الجنود الأبويون الجهاديون للترهيب لفكرة تعرضهم للقتل على أيدي النساء.

أيدين باران: هل قصة "الخوف من قتل النساء" خرافة؟

كارولين فوريست:  لقد تساءلت مع نفسي نفس السؤال عندما بدأت كتابة السيناريو. لا، انها ليست خرافة. لقد قابلت فتيات من وحدات الحماية الكردية في جبل السّنجار الذين أكدوا لي ذلك. أخبروني بمشاهد محددة حيث كان الجهاديون يرتجفون من فكرة فقدان الجنة إذا قُتلوا على أيديهن.
عندما كتبت مشاهد الحرب وأدخلت هذه الفكرة في السيناريو، كنت أعتقد إرضاء رغبتي. ولما لا. على أي حال، إنها من أحد امتيازات الشريط الروائي ... ولكن عندما ذهبت إلى سنجار، أخبرني مقاتلوا وحدات الحماية الكردية عن مشاهد تشبه تماماً تلك التي كنت أتصورها. حتى أن البعض تجاوز الخيال أو ما قد يتصوره المتفرج. أضفت تفاصيل عديدة في هذا الفيلم، رواها فاعلون حقيقيون. سواء تعلق الأمر بالاسم الرمزي للقصف أو ببعض اجوبة الجهاديين. فالمروع من هذه التفاصيل لم يتم اختراعه. بل على العكس لكتابة هذا الرواية كان من الضروري وبشكل خاص التخفيف من حدّة الواقع، وليس المبالغة فيه. فالذي حدث من وجهة نظر أيقونية ورمزية مجنون الى درجة يصعب تصديقه من قبل الناس.

أيدين باران: أنت تعلم أن لديّ شهادات أيضًا عن هؤلاء الزغاريت وشهادات المقاتلين الذكور. قالوا إنه منذ اللحظة التي سمعوا فيها تلك الزغاريد، يختفي خوفهم. كما كانت طريقة لتشجيع أفواجهم على المضي قدما، النساء هم اللواتي يهتفن "إلى الأمام! "

كارولين فوريست: إنها جميلة جدا. نتذكر فقط "الله أكبر". لقد حان الوقت لسماع أصوات هذه "الزغاريد"! في فيلم الحرب النسوية هذا، نسمعهم، وهم يترددون بقوة هائلة.

أيدين باران: إذا عدنا إلى سؤالنا، لماذا هذا يهم جميع النساء، هل هناك حرب ضد النساء؟

كارولين فوريست: بالطبع. ومنذ عدة قرون. إن افتراض أن المرأة يمكن أن تذهب إلى الحرب بدلاً من أن تكون ضحية هي في حد ذاتها ثورة أيقونية. ليست هذه هي المرة الأولى، لكن في كل مرة تحدث في التاريخ ينتهي بها الأمر إلى إرسالهن إلى بيوتهن ونسيانهم. لأنه ولقرون، الرجال هم الذين يكتبون التاريخ. وأولئك الذين يصنعون أفلام الحرب هم عادة رجال. إنهم يهتمون بدور جي آي ( (GI أو الجيش الأمريكي أكثر من دور النساء في الحرب. هذا الفيلم يغير قواعد اللعبة. إنه مهتم بشكل خاص بالمقاتلات. حتى لا ننسى ما فعلنه.

أيدين باران: لديك رهاب من كل الأصوليين، نضالك لم يبدأ بالجهاديين حسب علمي؟

كارولين فوريست: أنا ليس لدي رهاب من أي شيء. أنا لا أخاف من أحد. أنا نسوية وأناضل من أجل عالم أكثر مساواة. المتعصبون لديهم حساسية من هذه الحرية والمساواة. وبدأت مقاومتي ضد المتطرفين والأصوليين من جميع الأنواع في سن مبكرة للغاية. بدأت بالتحريات حول الجبهة الوطنية والأصوليين المسيحيين المناهضين للإجهاض كصحفية شابة. حاربت كثيرا من أجل الميثاق المدني من اجل التضامن Pacs وللزواج للجميع. لذلك صحيح أن سنواتي الأولى ركزت على الأصولية الكاثوليكية. طلب مني أصدقائي الجزائريون والإيرانيون أن أهتم بالإسلاموية. بعد الحادي عشر من سبتمبر، أصبح من الصعب التحدث فقط عن أصولية واحدة عندما بدأ آخرون، بما في ذلك الإسلاموية، في تهديد الكوكب بأسره. لقد تخصصت في دراسة الأخوة المسلمين، وواجهت مواجهة صعبة للغاية استمرت سنوات عديدة مع طارق رمضان، الذي نشر أيديولوجيته في أوروبا، بما في ذلك مواجهة بعض التقدميين الذين لا يفرقون بين أقصى اليمين واليسار في الإسلام.

أيدين باران: هل لأنهم يدّعون هوية أقلية؟
كارولين فوريست: نعم بالطبع. في أذهانهم، بما ان الإسلام هو دين الأقلية في أوروبا، فإنه لا يمكن أن يولد الهيمنة. غير أنه يمكننا أن نكون أقلية عددًا في بلد ما ونولد أيديولوجية سائدة وشمولية. أن نكون أقلية ونطمح الى السيطرة على النساء والمثليين واليهود وغير المؤمنين أو حتى بلدان أخرى. الحركات التي تسعى إلى استعادة الخلافة منذ حلم حسن البنا بإعادة بناء إمبراطورية إسلامية استعمارية، وهي حركة إمبريالية حقيقية للهيمنة الشمولية. الدولة الإسلامية ليست سوى صورة رمزية لهذا الخيال. الإخوة المسلمون أكثر دقة وأكثر صبراً، لكن الهدف لا يزال هو نفسه.

أيدين باران: هناك أشخاص في فرنسا يتهمونك بكراهية الإسلام؟

كارولين فوريست: هذا هو الحال منذ أن فضحت خطاب طارق رمضان المزدوج. هذا هو الشيء الوحيد الذي وجده يقول لي للتشكيك في أهليتي. اليوم، يعلم الجميع أنني كنت على صواب في التحذير. لكن منذ ذلك الحين، تم إطلاق عملية الأحكام المسبقة. إنه لأمر مؤلم للغاية أن يتحمل المرء معاداة العنصرية للشجاعة، وهذا هو حالي. أنتقد الأصوليين الإسلاميين كنسوية وتقدمية وعلمانية. كما فعلت من قبل مع الجبهة الوطنية أو المسيحيين الإنجيليين، أو اليمين الديني الأمريكي. عندما كنت أكتب ضد اليمين الديني الأمريكي، أثنى جميع رفاقي التقدميين على دقة وانصاف وأهمية عملي. منذ اللحظة التي استخدمت فيها نفس المطلب تجاه سفير الإخوان المسلمين، عانيت من دعايته، وأحكامه المسبقة ومن دوافع النوايا الخفية لجميع حلفائه. لقد كان عنفًا مطلقًا. إنه لأمر فظيع أن نرى أن هذه الدعاية يمكن أن تعمل على أشخاص نتشارك معهم نفس القيم. لا أمانع من اتهامي بأنني معاددية للمتطرفين. أنا كذلك. لكن معاداة الإسلام، بالتأكيد لا.

أيدين باران: من بين هؤلاء الناس هناك أيضًا أناس يكرهون داعش والإخوان المسلمين، كيف يفسرون ذلك؟

كارولين فوريست: إنه الأسوأ، في الواقع. في أوروبا، تتجاوز الدعاية الإسلاموية المتعصبين. هذا هو السبب في أنها خطيرة جدا. لأنه يسمح بإعادة برمجت العقول، وهدم التحالفات، لتقسيم معسكر التقدميين، بينما يتقدم معسكر المتعصبين. لقد كنت أعمل منذ 20 عامًا ضد الجبهة الوطنية واليمين المتطرف، سواء كان عنصريًا أو إسلاميًا، لأنني مهددة من قِبلهم بطريقة جنسانية ومعادية لمثليي الجنس. أنا معتادة. لكنهم عكسوا الأدوار ويصرحون أنهم ضحايا للعنصرية لأننا ندين تحريضهم على الكراهية، وهذا امر رهيب.
كل شيء ممكن في هذه الأيام. الارتباك يخدم الأسوأ. يمكنك أن ترى ما يحدث مع الدعاية التركية. في غضون بضعة أشهر، سيتم إخبارك أن الأكراد إرهابيون وأن داعش كانت حركة إنسانية.

أيدين باران: كيف نتعامل مع هذه المحاكمات التجريبية؟
أنا شخصياً أقاتل منذ أكثر من عشرين عامًا بأسلحة العقل والأمانة الفكرية. أواجه حزمة من المتطرفين الذين لا يحترمون أي قواعد ولا يعرفون حدودًا ولا التخويف ولا العنف ولا الأكاذيب. في بعض الأحيان، لم يعد قول الحقيقة ضد كل الصعاب كافياً. لهذا السبب أردت أن أصبح مخرجًة سينمائيًة وانتقل إلى لغة الخيال.
أحتاج إلى حرية التعبير والإبداع هذه. في شريطي، أفضل رد على العنصريين، لأولئك الذين يعتقدون أن جميع المسلمين إسلامويين، هي شخصية كنزة التي تلعبها كاميليا جوردانا. إنها تجسد الفرنسية الجزائرية، التي تغادر للقتال إلى جانب الأكراد. هذه هي واحدة من الشخصيات المشرقة والإيجابية في هذه القصة. بالمقابل، شخصية الجهادي هو إنجليزي، أبيض بعيون زرقاء. اعتنق الإسلام دينا، اسمه البريطاني. بالنسبة لي، التراجع عن التحيزات والرسوم الكاريكاتورية العرقية هو إظهار أن هذه السلوكيات هي في الأساس أيديولوجية وغير ثقافية. المشكلة ليست في الإسلام ولا في المسلمين. المشكلة هي هذه الأيديولوجية المتعصبة التي تعفن كل شيء.

أيدين باران: كيف يمكن حسب اعتقادكم مواجهة هذا التعصب على نطاق أوسع؟

كارولين فوريست: أنا شخصيا، اخترت سلاحي. إنها كاميرا. واحتفظ بقلمي. ما زلت أكتب. سأستمر في إعادة تأسيس الحقيقة كلما أراد الدعاية تحريفها. ولكن أمام جيشهم من المتصيدون والأخبار وهمية، أريد أن أتحدث إلى الخيال، بكل حرية. السينما تسمح بذلك. على الشبكات الاجتماعية، لم يعد بإمكان الكثير من الناس التحدث إلى بعضهم البعض، فقط إهانة لأنفسهم. لا يزال هناك مكان يمكنك أن تبحث فيه عن نفس الاتجاه وتحلم به معًا، وهي مسرح السينما.

أيدين باران: هل تعرفت قليلا عن قتال النساء الكرديات في روجافا؟ كيف تجدين هذه المعركة؟ كيف تجدين مشروعهم السياسي؟

كارولين فوريست: نعم بالطبع. يجب أن تكون روجافا Rojava قادرة تمامًا على الوجود. هذا هو أمل هذه المنطقة اليوم. ربما يكون هذا الجزء من العالم هو حديقة الخضروات الوحيدة التي يمكن إحياء القمح فيها الذي جعلها ذات يوم سلة مستودع غلال العالم. لقد دمرتها الحروب، التي دمرتها الديكتاتورية العسكرية، ودمرها التعصّب. رأية  الناس في هذا الجزء من العالم يحلمون بعالم أفضل، عالم له جوانبه السلبية، كما له تجاوزات ، مثل كل الإيديولوجيات، مثل كل اليوتوبيا، ولكن مبادئه هي التطلع إلى المزيد من المساواة والمزيد من التقدم، والمزيد من العلمانية. فقط لذلك، علينا أن ندافع عنها ونتوخى اليقضة. لأن المتعصبين الجدد يهددونهم الآن. سواء كانوا يرتدون الزي الرسمي أو يلوحون بعلم أسود، هم متشابهون ولم يتغيروا. هذه هي الوجوه البشعة للنظام الأبوي.

أيدين باران: هل السلام ممكن يوما ما؟

كارولين فوريست:  إنه في غاية هشاشة  ، لكن كردستان العراق مثل روجافا، كلّ بطريقته الخاصة، يحتفظ  بفضائات  سلمية أكثر بكثير من جيرانه. يبقى أن نحلم يتوحدوا يوما ما، في ظل حكم ذاتي. اليوم هو اليوتوبيا. ولكن غدا، من يدري. يأمل هذا الفيلم أيضًا أن يذكرهم بما هو مشترك بينهم: هزيمة داعش. إنها طريقة للنظر إلى التاريخ من نفس الزاوية، وبالتالي التطلع يوم من الأيام نحو أفق مشترك. انها ليست ليوم غد. هذه اليوتوبيا بعيدة جدًا، وكلنا على علم بهذا الأمر، لكن السينما يمكن أن تساعد في صياغة خيال يُوحّد. إنه أيضًا هذا المسار الذي يقترح "أخوات السلاح".

تم إعداد هذا التقرير في بداية شهر أغسطس. كما وعدنا، ننشره اليوم.
من اعداد أيدين باران
شكرا  ب. توانان I P Toinin لمساهمته