لوموند، 5 مايو2012
كان حزب اليمين يحلم بخصم مريح. يسار التراخي الى درجة التعاطف مع
الطائفية والأصولية. وكانت
مناوراته هذه، فرصته الوحيدة للفوز في الانتخابات. الهجوم على
القِيم وقت دق ناقوس النتائج الاقتصادية. وكانت زاوية المواجهة جاهزة. جداول أوقات
المسابح غير المختلطة، القوائم المنفصلة داخل مطاعم المدارس ... فيكفي ربط كل هذا
مع تصويت الأجانب في الانتخابات البلدية لإشعال الفتيل. كان المناخ مواتيا: هجوم
الإسلامويين و17.9٪ من المنتمين الى حزب مارين لوبين. أوشك الحريق أن يشتعل. كان من
شأنه تشكيل شاشة دخان، أو، من يدري، قلب المفاهيم في الفترة الممتدة بين الجولتين.
مع سرد حكاية بسيطة: ادعاء احتكار الشجاعة والعلمانية، لاضفاء طابع "حليف
الإسلاموية" على حزب اليسار.
لم يُترك شيء في صالح خدمة ترديد هذه الانشودة. ولا حتى النداء
المفترض والوهمي الصادر عن 700 مساجد، ولا إخراج طارق رمضان من الأدراج. فلابأس ان كان
الكل أو الجزء الكبير من وحي الخيال ... وما إذا كان النداء الصادر عن 700
مسجد لم يصدر قط، ولكن بالمقابل قام الأصوليين بتوزيع منشورات تطالب بالتصويت ضد المرشح
الاشتراكي. فلابأس إذا لم يدعم طارق رمضان فرانسوا هولاند، وإذا لم يثمن هولاند شخص
وصفه " بالمفكر السويسري الذي يجهر بأطروحات لا تمت افكارنا بصلة ". ولايهم
ان وُضع حدّا لتوقيت المسابح غير المختلطة
في مدينة ليل، ولكنها مازلت قائمة في بعض المدن المسيرة من قبل حزب اليمين الحاكم
... فكل هذا لا يهم...
لماذا؟ فحول هذه المواضيع، ولمدة عشر سنوات، يبدو حزب اليمين دائما
أكثر مصداقية من حزب اليسار. حتى جاء يوم نقاش بين الدورتين عندما قام فرانسوا
هولاند، وبكل وضوح، بالنطق بهذه الكلمات: "في ظل رئاستي، لن يكون هناك أي تجاوز
لقواعد العلمانية". ففجأة رفع الضباب، ووجد حزب اليمين نفسه أمام سد استهانت بأهميته:
اليسار الجمهوري والعلماني. اليسار الذي أراد التكريس الدستوري لقانون 1905 بينما أراد
نيكولا ساركوزي "تنظيفها" باسم و"العلمانية الإيجابية" ملوحا بكون
العلمانية الفرنسية سِلبية. يساريرفض ان تعلى كلمة الكاهن او القس أو الإمام على
المعلم. بينما نيكولا ساركوزي يحلم بسرب من الكنائس والمدارس الدينية لتعزيز الانطواء
الطائفي. ليس هذا فقط ولكن اليسار فاز معركته ضد اليسار الظلامي، الذي كان يحاول
ان يجد ظروفَ التخفيف للأصولية. باسم التعددية الثقافية، أو معاداة الصهيونية أو
الخوف من العنصرية. هذا اليسار موجودا، لكنه انهزم. انتخابيا وحتى فكريا. فقد صمد السد
المانع. وتم احتوائ الإغراء الظلامي الذي جسّد خطر العقد الماضي.
غير انه هناك سد آخريُظهر علامات الضعف والهشاشة. ذلك الذي يُفرق
بين اليمين الجمهوري واليمين المتطرف وإغراءه للانطواء الطائفي. ليس في خدمة الأصولية
بل في خدمة العنصرية. فعلى حزب اليمين الجمهوري اثبات صموده. عليه ضرب موعد لنا
لنعرف ما إذا كان يمكن للإغراء الظلامي تغذية الفتنة القومية. أم ان كليهما سوف يفشلان.
كارولين فوريست "عندما يتحلى اليسار بالشجاعة"