الخميس، 6 نوفمبر 2014

من أجل حق الأمهات المحجبات في مرافقة الرحلات المدرسية





لقد رخّصت لتو وزير التربية والتعليم، نجاة فالو بلقاسم، للأمهات المرتديات الحجاب مرافقة الرحلات المدرسية. فانتقضت معظم المنظمات العلمانية ضد هذا القرار. ومنذ بضعة أسابيع، كان المعسكر الأصولي هو الأكثر تصعيدا في إلقاء اللوم على الوزيرة لكونها تدفاع عن والمساواة بين الجنسين داخل  المدارس. حقا، ليس من السهل ايجاد توازن بين المساواة والعلمانية في بلادنا، فهي تعاني من المواقف العاطفية والمتاجأجة لمجرد اثارة مثل هذه المواضيع.

وضعية المرافقين
في قلب الجدل، يدور النقاش حول وضعية الأمهات المرافقات. هل ينبغي لنا أن ننظر اليهنّ كأمهات متطوعات أم مجرد موظفات تابعات الى أسلاك التربية الوطنية، وبالتالي يخضعن الى ما يستوجبه الحياد الديني؟

مناقشة سياسية أكثر منها قانونية. فقد أعطت كل الهيئات في هذا البلد تقريبا آراء مختلفة حول الوضعية القانونية للمرافقين المدرسيين، وهذا يتوقف على ما إذا كانت مع أم ضد هذا الحظر.

فالهيئة العليا للمكافحة التمييز – التي تدافع عن المساوات - تعتبر هذا الرفض بأنه "يتعارض مع الأحكام التي تحظر التمييز على أساس الدين". على العكس، فإن المجلس الأعلى للإندماج - ركز بدلا من ذلك على شرط العلمانية – وهو يُؤيد هذا الرفض.

كما اخد موقف وزيرين من اليمين، اتجاهات مختلفة. فقد ترك كزافييه داركو مدراء المدارس  يقررون حسب كل حالة على حدة. وأصدر خليفه، لوك شاتيل، دورية تعمم حظر مشاركة الأمهات المحجبات من حيث المبدأ. اما فنسنت بيلون فلم يعترض، دون الإصرار على مسألة الرحلات المدرسية في ميثاقه حول العلمانية.

لكن نجاة فالو بلقاسم حسمت في الأمر... عن طريق ضم رأيها الى رأي مجلس الدولة. فقد أقر هذا الأخير ان الآباء والأمهات المصاحبين ليسوا "موظفين المصلحة العامة"، وبالتالي لا يقعون تحت طائلة شرط الحياد الديني. غير أن هذا لا يعني أن كل شيء مباح، على العكس من ذلك. فالوزير، كمجلس الدولة، يؤكدان عن ضرورة تطبيق بعض شروط المصلحة العامة ، مثل رفض التبشير الديني مثلا. وهكذا اذا لم نرفض أُمّا ما مسبقا لأنها ترتدي الحجاب، فيمكننا أن نفعل ذلك إذا ماكانت تسعى الى تسليل بعض الأفكارالمتطفلة  أوالقيام بالدعاية مع التلاميذ. فالكرة الآن في ملعب مدراء المدارس. فهُم من يخول لهم تقييم الوضع والقصد. فقد رأت بعض المنظمات العلمانية في ذلك نوع من الاستقالة السياسة وخيانة للعلمانية. هذا ليس هو رأيي.

التوازن الصحيح
كما أتيحت لي الفرصة لكتابته مرات عديدة، وإن أساء هذا الأمر الى بعض العلمانيين، فأنا لا أعتقد أننا ينبغي أن نُقنّن لباس آباء وأمهات التلاميذ كما بالنسبة للتلاميذ. ومع ذلك، فإن القانون مارس 2004  كان ضروريا لطرح كل حالة على حدة وتقديس الفضاء المدرسي، لذلك علينا ممارسة شيئا من المرونة عندما يتعلق الأمر بالآباء والأمهات في الرحلات المدرسية. وذلك لسبب بسيط، يُستنبط ليس فقط من الفكر العلماني بل وأيضا من المدارس العمومية.

فهي لم تُنشأ لتعليم النموذج المُطلق ولكن نشأت لتكريس مبدأ الحق في الشك. يجب أن نفهم أن كل تلميذ هو بالتأكيد ليس فقط طفل والديه ولكن أيضا مواطنا في المستقبل. وهذا يعني السماح له ببناء نفسه في ضل الحياد الديني الى حين ان تنضج خياراته وقناعاته ... وإذا كان على الجمهورية العلمانية تمكين وتشجيع احترام المساواة بين جميع مواطنين في طور التكوين، فهي عليها أيضا (لأنها ديمقراطية) احترام هذه الخيارات – وان كانت رجعية - بمجرد أن يبلغ المواطن سن الرشد. بما في ذلك الحجاب عندما لا يخفي الوجه ولا يعمل على تقويض السلامة العامة.

هذه هي قوة ودقة نموذجنا، القائم على الحقوق والواجبات، والتوازن بين فضاء القيد (المدرسة) وفضاء الحرية (الرحلات المدرسية)، وبين العلمانية و الحرية الدينية.

الكرم والتربية
كيف يمكن تفسير الكرم ورقة هذه الفلسفة للتلميذ إذا حرمت أمّه أوامّ احد رفاقه من مرافقة الرحلات المدرسية مثل الآخرين، وهنّ نساء بالغات لسن الرشد؟

هذه الرحلات هي نافذة نحو الخارج. فالتلاميذ يدركون جيدا أن أمّهات المرافقين هم امهات زملائهم وليس المدرسين. وليس من الممكن أن يتم التحكم في طريقة عيشهم كما لو كانوا أطفالا أوتلاميذ أو موظفين يمثلون المؤسسة.

وإلى جانب ذلك، إذا كان علينا فرض ضغط ما على الآباء والأمهات، فلماذا حظر الحجاب فقط؟ يجب أن نتجنب خاصة أي أب أو أم غير متوازنة أو مدمنة للكحول اوعنصرية أو أصولية. وهذا هو بالضبط ما يسمح به بالفعل القانون:  القيام بالعزل على اساس السلوك. فإضافة بُند يستهدف فقط على وجه التحديد بعض الأمّهات سيكون له تاثير كارثي وغير مجدي. ألا وهو زرع الكراهية نحو العلمانية.

كارولين فوريست


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق