الاثنين، 2 نوفمبر 2015

وسائل الإعلام في مواجهة التطرف


https://carolinefourest.wordpress.com/2015/11/09/les-medias-face-aux-extremes/

لم تعد تحتكر وسائل الإعلام النقاش العام. بل لعل هذا الوضع من خصائص عصرنا. فيمكن لأي شخص أن يتكلم، وحتى ان يصرخ في أي وقت على الإنترنت. فبنقرة واحدة، بمدونة، او تغريدة. وهذا امر يمكن استحسانه.
فمن وجهة النظر هذه، أفرط عصرنا في الديمقراطي بل أصبحت دمقرطة عصرنا فوق العادة. إنها تعاني من الرقابة الذاتية خوفا من الشتائم والتهديدات، ولكنها لا تعاني من رقابة الدولة. وهذا على أي حال ما يحدث في فرنسا. نحن نعيش حالة انفجار الكلمات. فهي غير منظمة ومسترسلة وفي بعض الأحيان عنيفة.
وفي هذا السياق، أليس على وسائل الإعلام لعب دور المصفاة؟ والإعطاء المزيد من القوة للكلام الهادئ، ذلك الكلام الذي يثقف أو يوضِّح، او يسمح التفكير بنضج أو التأني أو اتخاذ مواقف بطريقة منظمة ومهيكلة؟
فما يحدث في الوقت الراهن، هو عكس ذلك. فعالم الصحافة، كعالم السياسة، يخضع لضغوط قوية "للرتقاء" إلى ما هو آني وعنيف، تحت تأثير قانون "البوز"

السرعة التي تسهل الدعاية
لن نعود الى الوراء، وهذا غير مستحب. فعلينا أن نتحرك مع العصر، مع هذه السرعة، وحتى مع هذا العنف، ولكن يجب علينا ترويضه. وتطوير التفكير النقدي القادر على الفرز والتحقيق ;والتدقيق دائما بسرعة متزايدة. نحن لا نزال نتعلم.
بينما نأخذ الوقت للتأقلم، فالدعاة يلعبون يوميا بالصحفيين الغير المتخصصين أو الغير مدربين، الذين يُطلب منهم معالجة كل المواضيع بدون استثناء و في وقت قياسي ، وكثيرا منهم ما يغرقون أو ينساقون وراء روايات تروى لهم أو حكايات تحكى لهم، وراء سرد سلس جدا، و حتى قصة جاهزة ... وإن كانت مفبركة أو مصطنعة.
نحن نعيش في زمن حيث الحزب الأكثر سياسي في فرنسا، الأكثر سخرية، والأكثر طغيان، وأقل شفافية، والأكثر تعصبا للنقد وحرية الصحافة، يعطي دروسا لآخرين وفي جميع القنوات في الديمقراطية، في حرية التعبير و "الأيدي النظيفة" و " الهامة العالية ".
نحن نعيش في وقت حيث معادي السامية يُعتبرون مناهضين للعنصرية، و حيث الردود اللاذعة العنصرية تعتبر ردود العلمانية، وحيث الوطنيين يدافعون عن حق التدخل لروسيا، وحيث التقدميين يقومون بحماية الظلامية من الانتقادات ... في عصر حيث مجنوني المؤامرات هم أصوات الحقيقة، والصحفيين هم الكذابون....

حماية الديمقراطية من مُعاديي الديمقراطية
كيف يمكننا محاربة هذه الادعاءات الكاذبة عندما يكون أحد منا صحفيا دون اتهامه على الفور بالدفاع عن "النظام"، وهو القدح المفضل عند معاديي الديمقراطية؟
فعلينا التحمل. فدور الهيئات الوسيطة هو حماية النظام الديمقراطي، وهذا يعني المصلحة للجميع، ضد أولئك الذين يريدون تحويل هذا النظام الى مصلحة خاصة.
يجب على وسائل الإعلام ألا "يصطف" على الإنترنت، ويصبح أضخم منتدى الإيجابيات والسلبيات، لكل شيء ولكل لا شيء أو للعدم. فليس للصحفي ان يكون مجرد مقدم برامج، ولا حتى حكم، وضابط الوقت والايقاع كالساعة. خمس دقائق للخبراء مقابل خمس دقائق لمن ليس لهم دراية بشيء. خمس دقائق للديمقراطيين وخمس دقائق لمعاديي الديمقراطية.
فعلى هذه الوتيرة، من إيقاع كاذب الى نصف إيقاع كاذب، سيصبح احترام الديمقراطية مجرد رأي ... قبل أن يصبح خيارا.
ولهذا يجب التردد والتفكير جليا قبل تقديم منصّات، ومكبرات صوت، وحصائر لدعاة الكراهية والعنصرية، والمتطرفين والمستبدين، والمرشحين للا شيء، وكل ما يجعلهم يزدهرون في السماد الذي يزرعونه.

صحافة المواطنة
وفي مواجهتهم، علينا رفض الصحافة النسبية المحايدة، صحافة التنازل، والكسل الفكري والثقافي. كلّ ما كان العصر قلقا ومتوترا، كلما عليه النفور من المعادلات الخاطئة، وتحديد الأولويات، والتأطير، والتنبيه الى العمق التاريخي، وتوسيع الأفاق بفضل كل ما هو دولي وعالمي.
هذا لا يعني أساسا الوقوع في فخ الخبرة النخبوية، المنقطعة عن العالم أو المملّة. فهي الأخرى قد تكون مضلّلة ... وقد تموه نقطها العمياء وراء تسمية الجامعة، وحتى تقديم المواقف اللوبية تحت طلاء لامع ونظيف لمركز الأبحاث الخاصة.
وفي بعض الأحيان، وأخيرا، يمكننا تلقي الدعاة والدهماء. إذا كانوا يمثلون تيار آراء قوية حيث لا جدوى في تجاهله، فمن الأفضل الاستماع إليهم ومواجهتهم. باسم التعددية والقواعد التي تفرضها CSA عندما يكون لديهم النباهة لتشكيل أحزاب يستفيدون من سخاء الديمقراطية لمحاربتها بشكل أفضل من الداخل.
ولكن بعد ذلك يجب العمل أكثر من ذلك. يجب التفكير في آليات، مكونة من عروض محكمة، ومحررين مؤدبين، ومن زملاء حرصين ومسؤولين مكلفين بفحص كل حقيقة أو كل رقم في "قاعة التحكم" régie.
وهذا يتطلب كثير من الوقت والموارد وكثير من الطاقة. ولكن هذه الطاقة هي ما تميّز الصحافة عن الاستعراض. وهي ما تفرق بين المناقشة من الطواعية والانهزام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق