الجمعة، 22 يناير 2016

حرب العلمانيات في فرنسا؟

بعد الانتقادات التي وجهها رئيس الوزراء لجان لوي بيانكو، رئيس مرصد العلمانية، فكيف ينبغي تطبيق القانون 1905 في جمهورية متأثرة بالأصولية؟

لماذا أغضب جان لوي بيانكو الكثيرين من العلمانيين


هناك خط أحمر لا يتجاوز. أصبح المرصد العلماني ورئيسه أصم وأعمى امام صعود الأصولية.

الجدل الدائر الذي أحياه مرصد العلمانية جدل لا يدعوا للاستهتار. ذلك هو ما إذا كانت الدولة تريد الدفاع عن صفاتها العلمانية امام الأصوليين وحلفائهم، أو إذا كانت تريد أن تتعايش مع هذا الوضع في إطار الحوار بين الأديان والعلمانية "المتفتحة". هذه ليست مجرد كلمات أو حروب بين المصلات. لكن خيارات يمكن ان تسلح، أو على العكس، تنزع
السلاح.
في بلد يستهدفه الإرهاب، يمكن لبعض الدعايات أن تقتل. كيف يمكن جعل الغير ان يعتقد ان فرنسا تمارس عنصرية الدولة لأنها تجرؤ الدفاع عن نفسها ضد الإرهاب. أو أنها اسلامفوب، لأنها تريد فرض المساواة بين الجنسين وتكريس أسس العلمانية في المدارس العمومية.

الناشرين لهذه الدعاية المسمومة معروفين لدى العلمانيين اليقظين. هم يرغبون في الاعتماد على مرصد العلمانية لحمايتنا. انهم لاحظوا أن الدرع اختُرق. فالمرصد يبدو أكثر انشغالا، منذ توليه منصبه للتخفيض من أثار الأصولية أو حتى التغاضي ومساندة حاملي هذه الخطب ضد فرنسا والعلمانية. هذا هو اللوم الموجه من قبل العديد من المنظمات العلمانية، الذي يصفهم جان لوي بيانكو "بأصحاب ردود افعال العلمانية الأصولية ". احتقاره ليقظة هؤلاء يعاكس تماما العطف والدعم القويان الذي أبداه تجاه المنظمات الأصولية حقا.

حتى احتقار المواعيد السنوية المهمة كحضور حفل الجائزة السنوية للعلمانية، بهدف تعزيز صفوف دعاة العلمانية "المتفتحة" للائتلافات الدينية، على طريقة جمعية تدعى جمعية "التعايش". انها جمعية تتوفر على موارد كبيرة، وهي قريبة من الكنيسة الكاثوليكية حيث تحد مفهوم العلمانية ب"المحايدة". تمارسها أساسا عبر الحوار بين الأديان، وبمعنى أدق بين أنصار "المنيف لجميع" والإخوان المسلمين. يقول صموئيل غرزيبوسكي أحد قادتها، أنه يجد تيار الإسلام السياسي الشمولي "مثيرة للاهتمام". مثل جماعة الإخوان المسلمين والمسيحيين
 كرياتيونيست، يرفض اعتبار مقام العلوم في التعليم أسمى من مقام المعتقدات. ألم يكن بذلك أفضل شريك لتوقيع كتاب "ما بعد تشارلي". 20 أسئلة للنقاش دون طابوهات  كلها موجهة للمدارس (طبع من قبل  دارين للنشر: أتوليي و ريزو كانوبي 2015)، ؟ ومع ذلك فهو اختيار مرصد العلمانية.


بعض الأسماء للضمان

حلفاء آخرين يثيرون تساؤلات متعددة، خاصة بعد هجمات يناير ونوفمبر عام 2015. نحن كثيرون من تقاسمنا الهاشتاغ  "نحن كلنا متحدين" #

NousSommesUnis بدعوة الاتحاد. لكن النداء الذي يحمل الاسم نفسه، بضمانة ونشر مرصد العلمانية، تابع لدوائر محدودة بكثير: نواة تتكون من جمعية "التعايش" وعدد من المقربين من جماعة الإخوان المسلمين، توسعت لعدد قليل من الأسماء قصد الاستفادة من "ضمانتهم"، كجان لويس بيانكو. فهو اليوم يدافع عن نفسه بعد ما وقع بلاغ هذا النداء وهو يتقدم لائحة الشخصيات المعنية ب الهاشتاغ "نوسوم أوني"#NousSommesUnis ، والتي أُيدت بحماس من قبل الرجل الثاني في المرصد، نيكولا كادين.


ليس نص هذا النداء، السخيف تماما، معني بقدر ما المعضلة في الرسالة التي يودون تبليغها، معنية. التنديد بالخلط، أكثر من التنديد بالإرهاب، جنبا إلى جنب مع الأصوليين. المناداة بعدم وصم، رفقة شخصيات ومنظمات يقضون حياتهم يصمون العلمانية بأنها عنصرية والعلمانيين بأنهم "بالإسلاموفوب" فمن هم الاسماء الرواد في هذا النداء؟ مغني الراب "مدين" ، الذي يغني "صلب العلمانيين كما صلبوا في الجلجلة،" نبيل الناصري  المتقرب جدا من قطر أو "التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا" (CCIF).

فهُم إسلامويون بامتياز، اذ تتداول هذ التجمع بنِيّة التحايل، أرقام مرتفعة بالفعل في أعمال معادية للمسلمين – خاصة الشتائم والكتابات على الجدران – مضيفين الى حساباتهم، عمليات البحث لمكافحة الإرهاب، والتدابير المتخذة لإبعاد الأئمة الدعاة للكراهية، والاعتداءات القاتلة بين مسلم ومسلم آخر و حتى السرقات الموصوفة من قبل المنحرفين للمعدن قبة مسجد.
أهذاف هذا التجمع واضحة. إقناع المسلمين أن فرنسا تخلت عنهم، لرميهم في أحضان الوعاظ الأصوليين الذي يقوم  
CCIF بالنضال معهم.  لكم الاختيار، طارق رمضان، إمام السلفية ببريست وأبو أنس الذي يعتبر الموسيقى "صوت الشيطان،" وتحرض ل"انحراف الأخلاق" و "الفجور". دعاة يحضرون سنويا لحفل العشاء الذي يقيمه CCIF ... يا لوسامة الحلفاء للدعوة ل "الاتحاد"، خصوصا بعد هجمات باتاكلان. ومن هنا جاءت عريضة وقعها أكثر من 4000 علماني للمطالبة باستقالة جان لوي بيانكو.
وفي الآونة الأخيرة، قطرة ماء أفاضت الكأس وأقنعت ثلاثة أعضاء للانفصال من المرصد (جون جلافانى فرانسواز لابورد، باتريك كيسيل).

حين فرنس انتير خصصت اذاعتها لمناسبة "عيد ميلاد" مجزرة تشارلي إبدو، انضم نيكولا كادين لقوات  
CCFI حتى يأجج الغضب ضد إليزابيث بادينتر على تويتر. ماذا قالت ذلك اليوم؟ أنه من الضروري الدفاع عن العلمانية "دون الخوف من مواجهة الاتهام باسلاموفوب. كيف فسر CCIF تدخلها، وهو أخصائي في تقنية الترهيب؟ بان إليزابيث بادينتر تدعو الى الحق في أن تكون إسلاموفوب. وهي خيانة أدبية معهودة وأسلوب في التعامل غير شريف، الا أنها بدأت تكلف عدد كبير من الأرواح، أكثر مما يمكن احتماله. وعلى المركز مكافحته بدلا من الانضمام إلى هذه المجموعة الفتاكة.
هذه هي الخطوط الحمراء الموضوعة. تلك التي قام مانويل فالس بتذكيرها عندما سئل عما إذا كان يتغاضى عن انجراف المرصد. فرد جان لوي بيانكو بجفاف، متظاهرا عدم الانتماء لرئيس الوزراء. ما يتناقض مع ترويسته بشدة. فالحكومة لا يمكن لها أن تكتفي بالتذكير بالرجوع الى الصواب. فالمؤسسات التي تنشئها عليها الوفاء بوعودها، اي الدفاع عن العلمانية، وليس الدفاع عن أولئك الذين يهاجمونها
.

 كارولين فوريست

جريدة العالم

الحوارات، الجمعة 22 يناير، 2016، ص. 13


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق