الخميس، 10 أكتوبر 2019

كلنا أكراد




كان شارب يقول "لا أعرف كلمة باللغة الكردية". ومع ذلك، "أفكر كردي، أتكلم كردي ، أغني كردي ، أبكي كردي. الأكراد المحاصرون في سوريا ليسوا أكراد، إنهم شعار الإنسانية التي تقاوم القوى الظلامية. تلك كلمات نطقها شارب قبل الوقوع تحت رصاص هذه القوى. كان يحلم بالانضمام اليهم. مات هنا. دون أن يرى بأم عينيه أعقاب هذه المعارك. ضحّى أحد عشر ألف كردي بحياتهم حتى تتوقف القوى الظلامية من اختراق والسيطرة على حياتنا.

لا تزال قوات سوريا الديمقراطية، تلك القوى التي تمزج بين الأكراد والعرب، تحتفظ بجلادينا. في شمال سوريا، يحاول المزيد من الأكراد المناضلين إدارة روجافا النسوية والإيكولوجية والعلمانية. انه هذا الأمل، هذه القطعة الأرضية الخصبة، التي يريد الخليفة أردوغان سحقها تحت أقدامه بحجة تأمين حدوده. إنه لا يستهدف أعدائه من الداخل فقط. فالأكراد السوريين ووحدات حماية الشعب وجنديات وحدات حماية المرأة والجنود الذين قاتلوا داعش هم الذين تسببوا له في الأرق ومنعوه من النوم. بسبب هذا المشروع المجتمعي المضاد تماما لمشروع المجتمع الإسلامي وطيفه الثيوقراطي. لقد لقي المئات من الناشطين الأكراد والعديد من المتطوعين الدوليين حتفهم تحت القنابل التركية في عفرين. تم اختطاف آخرين أو تمزيق أجسادهم من قبل جنود أردوغان. فالميليشيات المرتزقة والمسلّحة من قبل الأتراك، تنتظر مجرد إشارة لتتهافت على إراقة الدماء وممارسة التطهير العرقي. متحمسين الى أقصى حد وفي غاية الشغف لاقتراف أبشع الأفعال. العديد من الفيديوهات تظهرهم يغنون الأغاني العسكرية للإمبراطورية العثمانية. وآخرون يحلمون بصوت عالٍ باستكمال عمل الخلافة من خلال القضاء على الأيزيديين، الذين يعتبرهم جميع الجهاديين عبدة الشيطان. حتى عندما تظاهرت تركيا بمقاتلة داعش، كان يُسمح للجهاديين عبور الحدود والحصول على العلاج من أصدقائهم الأتراك. ما رأيك فيما سيفعلون بهؤلاء السجناء وإخوانهم في الوجدان بمجرد سحق حراسهم الأكراد؟ فسوف يسمحون لهم بالرحيل. وسوف نتقابل معهم من جديد. حتى ينفجروا في وجوهنا.

من خلال سحب قواته كجبان، لادخار أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، أعاد دونالد ترامب فتح أبواب الجحيم. لقد خذل وخان بالفعل قوة الكلمة الأمريكية بعدما أقنعه الرئيس التركي على الهاتف بتغيير رأيه، كمُبتدأ أو هاوي، ثم بعد ذلك بادر في محاولة بئيسة منه للتخفيف من وطأة ضغط جنرالاته، وقد أذهلتهم نتائج هذه المحادثة واتخاد هذا القرار. ارتفع الضغط من جديد. وازداد الغضب بين صفوف الديمقراطيين والجمهوريين. وتعمّد الرئيس الأمريكي وهو مذلول ومهان وربما قد يتم تنحيه عن الحكم قريبًا، يُحاكي السيطرة على الوضع. نسمعه يطلق رعدة (عفوا تغريدة) أنه سيسحق الاقتصاد التركي إذا حاربوا بقوة الأكراد. ماذا لو ذبحوهم بلطف، هل هذا مقبول؟

ما هذا الجنون. يا لها من كارثة. لم تعد الكلمة الأمريكية لها قيمة. أصبحت مسخرة، مثل الدمية المفسوخة والتافهة التي انتخبها الأمريكيون. فلاديمير بوتين ينظر اليه وهو يتمايل مثل مهرج البلاط فيضحك من أعماقه. الآن وبعد أن وسخ دونالد ترامب زي الشرطي في العالم أصبحت روسيا والنظام السوري أسياد اللعبة مرة أخرى، وعليه، يضطر العالم، حتى بعض الأكراد، إلى الالتفات اليهما عندما ستسيل الدماء. بالإضافة إلى عجز الأمم المتحدة، المشلولة بسبب الفيتو الروسي، سترى النور بعد ذلك أزمة هائلة داخل الناتو، ممزقة من الداخل بسبب جنون حليفه التركي. ضربة مزدوجة لصالح المستبدين. وضربة استاذ للمشككين. لعبة حب الذات حقيقية تمارس مرة أخرى، على ظهور الأكراد. ربما صغار جدًا أو نبلاء الى اقصى حد حتى لا يدفعوا الثمن الذي يفرضه الأقوياء. هذا التخلي، للأسف، كان يمكن التنبؤ به. وقد ترقبه الكثير منا. ولكن على عكس فيلم تم الانتهاء من تصويره، يمكن كتابة القصة بشكل مختلف. يمكن مواجهة الحتمية. فالعاطفة والعالم، وقفوا وقفة رجل واحد والتفوا حول الأكراد. هذا يُثبت أننا لم ننسى. فالشعوب في بعض الأحيان أكثر شرف من حكامها. والأكراد، هذه المرة، ليس لديهم الجبال فقط كأصدقاء. فرنسا لا تزال وفية لهم. يمكنها إنقاذ الشرف. عن طريق أخذ نواة من الجيش الأوروبي، تتألف من قوات خاصة من عدة بلدان، والتي يمكن أن تتدخل رمزيا. سيكون أجمل رمز. الدليل على وجود أوروبا، وتجسيدها لغرب الآخر. متعدد الأطراف وموثوق به. لقد بات أمر ضروري من أجل تحقيق التوازن في العالم وحمايتنا.

كارولين فوريست

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق