السبت، 14 يناير 2012

الطلاب الأجانب: يجب على كلود غيان تقديم الاعتذار!






لوموند، 14 يناير 2012

قيصر، من جنسية فنزويلية، مهندس معماري. جاء للدراسة في مدرسة الهندسة المعمارية الخاصة في باريس، حيث فاز بجائزة احسن دبلوم. لقد سعى مكتب بنيويورك الى توظيفه منذ أشهر. لكنه اختار باريس. "لأنني كنت أحب فرنسا، وتاريخها وهندستها المعمارية". لقد تردد في الحديث عنها بصيغة الماضي. فمن قبل كان يتكلم عنها بصيغة المضارع "أنا أحب فرنسا" ومن دون تردد. اليوم فهو لا يعلم أكثر من ذلك. دورية كلود غيان كسّرت كل شيء. أحلامه، عقده لمدة غير محددة في مكتب باريزي، ومشروعه: إقامة للطلبة في بولوني (تأوي 156 طالب وطالبة)، لقد كان بصدد انجاز رسوماتها الهندسية منذ سنة، والتي الآن، سوف تتطلب وقتا اكثر من ذلك. كما لو ان هذه الحكومة تكِن عداوة  للشباب ...

هناك الآلاف مثله في نفس الوضع. سيد من جنسية تونسية، حامل لشهاذة الماجيستير ومتخصص في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ميدان يعتبر فيه اتقان اللغة العربية امر لا يستهان به. ومع ذلك، فإن شركة الاستشارات التي كانت تعتمد على كفائته سوف تضطر التخلي عنه. لأنه غير مرغوبه فيه ... لكونه أجنبي. هيا ابحثوا عن فرنسي جيد!

مرحبا بكم في أرض "الأفضلية الوطنية" بكل أشكال سخافتها. المعنوية والاقتصادية والثقافية. انها تحطّم صورة فرنسا في الخارج والنموذج الفرنسي المبني على أساس تقاسم المعرفة. انها تُحرم فرنسا من قوتها الساسية: التأثير الثقافي بفضل الفرانكوفونية. إنها تحرم الشركات الفرنسية من كفاءات قد تخولها الفوز بحصص من السوق. فلا يجب الاستغراب عندما لن تتكلم نخبة الغد الفرنسية، ولكن فقط اللغة الإنجليزية! وان قام  كلود غيان بالتراجع عن مشروعه هذا وقام بتعديل دوريته، فوقع تأثيرها باث سيء للغاية. ويعاقب الآلاف من الشباب لأنهم اختاروا فرنسا. أمّا الآخرين فقد غيروا اتجاههم. وبالتالي اصبحت الشركات الفرنسية التي كانت تعتمد على هذه الكفاءات، معاقبة. لماذا كل هذا؟ للاستيلاء على عدد قليل من أصوات الجبهة الوطنية؟ تأثير إعلاني محض، تم ابتلاعه بسرعة؟ انه عمل وحشي للغاية.

من بين جميع القرارات السيئة التي اتخذت في السنوات الأخيرة، ربما يكون هذا القرار هو الأخطر. نتيجة لمنطق العددي السياسي والصبياني الذي لا يكف أبدا من المعاملة الخشنة لهذا البلد ولصورته.

فقررت فرنسا اخرى أن يُستمع إليها. وقام التجمع 31 مايو، ومنظمي دعوة "من اجل جامعة عالمية" والتي حصّلت على  30000  من التوقيعات) بإطلاق سلسلة من العموديات " (parrainages (في حضور مجموعة من المثقفين ورؤساء الجامعات، مستاؤون من فكرة عدم القدرة على استقطاب نخبة الغد الى فرنسا... ف"اتخذ" الجميع ابن بالعمودية. على أمل أن يساعدوا هذه المواهب لاكتساب الفوري لحق العمل. ولكن ليس فقط. وللتذكير بأن فرنسا تكبر دائما عندما تشع. كما حان الوقت لوضع حد للعقلية التي تلغم الروح الفرنسية.

فلا ينبغي فقط على كلود غيان سحب دوريته برمّتها. بل ينبغي عليه تعبئة جميع الولاة لحل مشاكل الملفات المعروضة على انظارهم. ويجب أن يعتذر. أن يعتذر عن الأضرار البشرية والاقتصادية والثقافية التي تسبب فيها. لطمأنة الطلاب الذين يقع اختيارهم على فرنسا، وأولئك الذين لم يعودوا يستحملون رؤيتهم يترددون.

للسجل: فضل قيصر الذي وافقت على تبني قضيته في إطار التجمع من أجل جامعة عالمية، فضل الرحيل عن فرنسا. أمّا دورية كلود غيان التي حاربناها، تم الغائها بعد أيام قليلة من نجاح فرانسوا هولاند في الانتخابات.

كارولين فوريست "عندما يتحلى اليسار بالشجاعة"

الخميس، 15 ديسمبر 2011

مارين لوبين الوريثة

 
 
 
 
 
 تصوير © إينغريد هوفمان / جاما RAPHO / PROD
 
 
هي من احدى الوجوه الجديدة في حياتنا السياسية. اسمها مألوف. لكنها تمكنت أيضا من ادراج اسمها الشخصي. ازاحوا عنها الصور الشيطانية وقالوا عنها مختلفة عن والدها ونتكلم اليوم أيضا عن الجبهة الوطنية "الجديدة"؟ هل هذا الامر صحيح؟ اذا، فاين يبتدئ وأين ينتهي حق هذه الشخصية في الجرد؟

 


من إخراج كارولين فوريست وفياميتا فينير ومن انتاج نيلايا للإنتاج.



يجيبنا على كل هذه الأسئلة فيلم وثائقي تم بثه يوم الخميس على قناة فرنسا 2 في الساعة 23:10. هذه ليست سيرة ذاتية جديدة لمارين لوبين ولكن تحقيق، مثير، على هامش صعودها ولإرثها السياسي. يوضح التصدعات والاستمرارية الحقيقية الموجودة بين الجبهة الوطنية القديمة والجبهة الوطنية الجديدة، بين مارين لوبين ووالدها. فسيتم الكشف عن محيطها. كما سوف يُفك لغز خطاباتها المشفرة حول العلمانية و "الدولة القوية". مواجهة أمام مرجعياتها التاريخية، تلميحاتها وتناقضاتها. تحقيق أنجز في هدوء وبدقة، قائم على أساس محفوظات كثيرا ما تفتح شهيتنا للمعرفة وعلى شهادات ملهمة. يُخرج مارين لوبين الى أضواء الحقيقة الرهيبة، تقشعر لها الأبدان في بعض الأحيان. خصوصا بالنظر للأرقام والنتائج الانتخابية التي تتنبأ لها استطلاعات الرأي.
 
 
كارولين فوريست تُفسر لنا لماذا أصدرت كتابا تم أخرجت فيلما حول هذه الشخصية "أولا لأن مارين لوبين فاعل رئيسي في الحياة السياسية الفرنسية، وهي تعتبر من بين المنتخبون الطلائع في استطلاعات الرأي، وسوف تصبح شخصية وازنة وبلا شك في الانتخابات الرئاسية المقبلة. بعد ذلك، لأن هذه هي وظيفتي. أنا صحفية وأحقق منذ أكثر من 15 عاما في الحركات الشعبوية والأصولية والتطرفة. وكانت أول مقالاتي مخصصة للجبهة الوطنية في سياق تصاعد الأفكار المتطرفة ولكنني اشتغلت أيضا على قضايا الأصولية التي تواجه العلمانية، بما في ذلك المسيحية، الممثلة في الجبهة الوطنية.
كلما لوّحت لوبين بعَلم العلمانية والجمهورية، كان من الطبيعي بالنسبة لي مواصلة بحوثي وقلمي ورغبتي في التفحص والتبصر وكذلك في تنوير أولئك الذين قد ينخدعوا من استراتيجية التواصل التي تمارسها هذه الشخصية. وبالتالي أصدرت هذا الكتاب والذي تطلب مني عمل شاق ومكلف للوقت. وقت إطلاقه، جاءت الينا باتريشيا بوتينار روين تقترح علينا تقديمه على شكل فيلم وثائقي. أعترف أن أول رد فعل لي كان أنني قد خرجت للتو من نفق طويل وغير مستعدة تماما الخوض فيه ثانية. وبعد ذلك شعرنا أن هناك الكثير من الناس الذين ليس لديهم الوقت أو لا يستطيعون قراءة الكتاب فكان مفيدا لجميع تمكينهم من تكوين رأي حول هذا الموضوع.
هذا الفيلم هو إذا وسيلة للوصول إلى جمهور أوسع. فمن جانب، ذلك الجمهور الذي يتساءل بكل مشروعية أين يبدأ حق الجرد لمرين لوبين مقارنة مع الجبهة الوطنية القديمة وإرث والدها - لأننا يجب أن نعترف أننا لا نتبين بكل وضوح الفرق بين الأقوال والأفعال. ومن جانب آخر، وبطبيعة الحال، هناك جمهور مقتنع بكل صدق بأن الايف اين هو الحزب الذي يدافع بامتياز عن القيم الجمهورية. وحتى انه يناضل بشراسة ضد العولمة المالية. موضوعين في قلب المناقشة الحالية والتي هي في غاية الأهمية حتى لا ننكب حول أولئك الذين يدعون تمثيلها ".
 

السبت، 3 ديسمبر 2011

المواطنة وحق التصويت للأجانب

 
نسبة 61٪ من الفرنسيين يؤيدون حق التصويت للأجانب في الانتخابات المحلية. هذا خبر مفرح إلى حد ما في اجواء ساد فيها استعمال مثل هذه الأدوات في مواضيع قد تصل أحيانا إلى ذروتها. فنبدأ نحلم بنقاش هادئ وبنَّاء حول الهجرة والجنسية، حيث الدلائل والحجج تأخذ مكان الردود الفعلية البافلوفية.
وفي فرنسا التي نحلم بها، قد يتساءل المرء ما إذا كان من الحِكمة فصل الحق في التصويت المحلي عن الجنسية. دون أن يقوم كلود جيان، وزير الداخلية، بتحريك شبح "رؤساء البلديات الأجانب"، و نحن نعلم - وفي أحسن الأحوال – انه يمكن أن يصبح عضوا في مجلس البلدية. دون ان يقوم اليمين المتطرف بترديد فاصله عن "الغزو". ولكن أيضا من دون ان يوجِّه بعض اليساريين الاتهام بالعنصرية لأي شخص غير مقتنع مقدَّما. لان فصل المواطنة عن الحق في التصويت، حتى في الانتخابات المحلية، ليس أمرا واضحا.
بصفة مطلقة، هو في حد ذاته التنازل عن واحدة من السمات المميزة للنموذج الموروث عن الثورة الفرنسية، حيث يشترط ممارسة المواطنة بالرغبة في الانتماء إلى الأمة. لذلك يستحق هذا الامر مناقشته. قد يتساءل المرء، على سبيل المثال، إذا لم يكن هناك من الاحسن تيسير الحصول على الجنسية الفرنسية بدلا من إغلاق الباب، وترك نافذة مفتوحة: الحق في التصويت في الانتخابات المحلية.
ويتساءل المرء ما إذا كان منح هذا التنازل لا يساهم في خفض قيمة واحدة من امتيازات الجنسية. مع المخاطرة برجوع النيران: ألا وهو طلب تصوُّر أكثرعرقي لمفهوم للمواطنة.
ويمكن القول انه في عالم مفتوح، لم يعد له كثير من معنى، إغلاق هذه النافذة الصغيرة. يمكننا جميعا أن نرغب في العيش والاستثمار في بلد غير بلدنا، من دون رغبة منا أن نصبح عضوا في هذه الأمة. إذا كانت على الجنسية ان تستمر في تنظيم الحق في التصويت في المواعيد الوطنية، فالحياة المحلية خد ذاتها تنتسب الى الديمقراطية التشاركية أكثر من الديمقراطية التمثيلية. إذا نظرنا اليها بهذا الشكل فالانخراط في مجال الديمقراطية المحلية سوف يقوي الانتماء والحس بالمواطنة عند القاطنين لفترة طويلة.
هذا التحرك "المواطنتي"، في قلب عملية العولمة المتحركة، أنتجت بالفعل بعض التعديلات. فبما ان سكان الاتحاد الأوروبي لهم الحق في التصويت في الانتخابات المحلية في فرنسا. فكيف حينها نرفض هذا الحق للآخرين؟ كيف يمكننا أن نقبل أن ابريطاني الذي اشترى منزلا ريفيا في فرنسا له الحق في التصويت، وليس الشيباني اي هؤلاء عمال شمال إفريقيا الذين تركوا بلدهم وأسرهم للعمل في مصانعنا منذ اكثر من أربعين عاما؟
كل هذا يثير تساؤلات مذهلة. يبقى علينا معرفة هل هناك حاجة ماسة للرد. هل نحن نَعبُر من مرحلة نعيش فيها العولمة بسعادة الى درجة أننا نأمل لانفتاح والتأقلم؟ أو، على العكس، هي فترة يعتبر فيها التأقلم بمثابة خيانة إضافية من الدولة القومية، وبالتالي فهو يولِّد أكثر من الأذى (كراهية الأجانب) من ان يولِّد الخير (التفتح)؟ فالأخذ بعين الاعتبار هذا السياق قد يمكننا من تكوين فكرة عن هذا الموضوع.
كارولين فوريست
لوموند، 03/12/2011

السبت، 1 أكتوبر 2011

الجمهورية ذات الأيادي القذرة





لقد تدفقت مياه المجاري العدِمة. فثلثي من الفرنسيين يعتقدون أن سياسييهم "فاسدين إلى حد ما." قد نأمل أن يحتفظ الجميع بهدوئه ويُعرب عن وِجهة نظره حتى لا نُزكّي احساس انعدام الثقة. غير انه أصبح من الضروري القيام مبدئيا بتنظيف إسطبلات الأعمال وعدم ترك المكنسة بين أيدي اليمين المتطرف.

ليس هناك امر أسوأ من تكريس الانطباع بالقدرة على الإفلات من العقاب. في بلد يكثر فيه الحديث عن الأمن قصد مكافحة الجُنح الصغيرة، ويقل هذا الحديث كثيراعندما يتعلق الامر بمحاربة الجرائم المالية. فاذا رافق السياسيون في رحلاتهم مبعوثين مقيتين فهذا الامر ليس غير قانوني. تقوم فرنسا للأسف ببيع الأسلحة، وهو ما يعني ضِمنيا التعامل مع رجال الظل. هل هذا سبب لتحويل علاقة الاستغلال الى صداقة، الى درجة قضاء عطلة الاستجمام على حساب هؤلاء المبعوثين؟ انها صورة مرعبة. فالاحساس بعدم الثقة اتجاه هؤلاء السياسيون أمر محسوم فيه خاصة وهم يُتّهمون باتخاذ القرارات غير صحيحة تجاه الأزمة المالية بسبب ضغوطات اللّوبي المالي. بالطبع، يجب أن نستمر في الفرز بين الأمور. بين الشُّبهات والحقائق الثابتة. بين العمولات والرشاوي. بين الاوراق المالية الآتية من الأموال السرية و تلك التي نبحث عنها في سويسرا. بين أولئك الذين ربما تحايلوا على القانون لتمويل حملة ادوار بالادور مما تسبب في وفاة فرنسيين في كراتشي.

سوف تقوم الحكومة بتقديم تصريح بشان هذا الموضوع وربما تُأكد بإلحاح على ذلك. وسوف تكون على حق. ولكن ستتظاهر بعدم فهم أسباب الشعور بالحرج. والسؤال المطروح لا يكمن في كون اسم رئيس الدولة مذكور أم لا في ملفِّ ما. فدواعي الغضب تكمن في أسباب اخر. في تلك العادة في تمركز جميع السلطات وكذا في الاستعداد الى كل الاحتمالات لاستخدامها من أجل حماية أنفسهم. مثل قصر الاليزيه الذي لم يتخلّ أبدا عن ساحة بوفو (وزارة الداخلية).
قامت مصالح الاستخبارات بالانصهار ببعضها البعض، مصالح يُسيرها رجال يُكرسون حياتهم لنيكولا ساركوزي. مثل المدعي العام كوروى، الملقب ب "كوروا للايداع"، الذي فُرض تعيينه رغم الرأي السلبي لمجلس الأعلى للقضاء اتجاهه. حيث لم يحرك ساكنا لتسهيل تحقيق القاضية ايزابيل بريفوست ديسبريس في قضية  بيتنكور. ولكنه سمح في مراقبة المكالمات الهاتفية لصحفي في جريدة لوموند ... ناهيك عن أساليب القوى المستخدمة لفرض المدعية العامة ل بوردو، حيث يثم البث في نفس القضية. وفضيحة المكالمة الهاتفية لبريس هورتفو كاشفا أنه يتتبّع هذه القضية عن كثب.

هناك سلطة مضادة: القدرة على التحمل عند بعض قضاة التحقيق. حاولوا مرارا اضعافهم وعرقلة سيرهم ، وحتى حذفهم. لقد ضلوا على قيد الحياة وصرّحوا بها. ذلك أفضل. اذ تقع على أكتافهم خيط الثقة الأخير الذي يربط الفرنسيين بدولة القانون. هم في الحاجة– نحن جميعا في الحاجة - الى الاطمئنان.
قُم ببعث إحساس الاطمئنان في أنفسنا، سيد الرئيس، فنحن لسنا في باليرمو ولا في موسكو؟ هل أصبحت فرنسا عبارة عن أراضي كبيرة ضائعة للجمهورية؟ أو بالأحرى لا تقولوا شيء. أقِرّوا ان الطريق مفتوح للعدالة. وأن سيادة القانون في دولة القانون أقوى من منطق العشيرة والسلطة. قوموا بتعديل النصوص القانونية المنظمة لاختصاصات النيابة العامة لضمان استقلاليتها. ضعوا حدّا للقرابة المشبوهة التي تُكبل قُدرة فَصلنا بين السلطات.

كارولين فوريست في جريدة لوموند

"عندما يتحلّى اليسار بالشجاعة" دار النشر غراسييه