الثلاثاء، 8 مارس 2016

حرب اليسار

هناك أجيال عرفت كتلة اليسار، وأخرى تعرفت على كارتيل لليسار. جيلنا سوف يتعرف على يسار العصابات وربما على اليسار الممزق. دعونا لا نكون شديد القسوة. فاليسار دائما منقسم. والعديد من الانشقاقات في عصرنا تشبه تلك التي عرفتها الجمهورية الثالثة. علينا أن نتذكر الاشتباكات بين المعتدلين الجمهوريين، والمتطرفين والاشتراكيين المتطرفين والبلانكيين. فل نتذكر الإرهابيين الفوضويين، الذي كانوا يضعون هم بدورهم القنابل في المقاهي. فكان فبعض اليساريين يجدون لهم الأعذار ويشيدون بأعمالهم. كما قام المعتدلين الجمهوريين بالتصويت لصالح بعض القوانين باسم الأمن. وحارب جزء كبير من اليسار الاشتراكي تلك القوانين المسمات ب"المارقة". وهذا تقريبا ما يحدث لنا منذ 7 يناير، وكذلك منذ 13 نوفمبر، ولكن ليس هذا كل الامر.

يساريان اثنين لا يمكن التوفيق بينها؟
مانويل فالس، الذي لا يخفي اقتباسه من كليمنصو، تحدّث عن يسارين لا يمكن التوفيق بينها. انه على حق فيما يخص قضية الإرهاب والإسلاموية. فالطلاق قائم بين اليسار الذي يريد إسكات كامل داود واليسار الذي يريد أن يتحدث عن كل شيء. وبين اليسار النسبي الذي عِوَض ان يبحث عن تفسيرات لما يقع، لا يزال يبحث عن الأعذار الاجتماعية وما بعد الاستعمار، للأصولية والإرهاب. واليسار الجمهوري والعلماني الذي، بالدفاع عن حقوق المرأة والعلمانية، وينزع في نفس الوقت فتيل الدعاية العنصرية والجهادية. ليس اننا لا نستطيع قراءة تشارلي وميديا بارت على حد سواء. ولا حتى أن نكون في وقت واحد ضد الأصولية وضد الحرمان من الجنسية. نستطيع. لكن في الأساس، هذين اليسارين ولأسباب وجيهة، لا يمكن التوفيق بينها. غير ان هذه المواضيع لا تشكل الا بعض خطوط الانشقاق الكبرى، التي تغذي حاليا حرب اليسار ...

هُم خمسة كتل على الاقل
لا يتجزأ اليسار إلى معسكرين فقط بل الى خمسة على الأقل إذا أخذنا بعين الاعتبار القضايا الاقتصادية و تلك المتعلقة بالتموقع الدولي. لن نتحدث عن حرب حب الذات، سنتطرق فقط للجوهر. فنحن لا نرى كيفية التوفيق بين اليسار المؤيد للمرونة أولا، واليسار المؤازر لضمان الشغل أولا. كيف التوفيق بين يسار بوتين أولا واليسار قطر أولا. ولا حتى اليساريين الذين ينتميان لتيار اليسار عموما، ويرفضون التحالف مع أي من هذه المحاور. إضافة الى ذلك نجد، في يسار الوسط فوارق حقيقية بين يسار فالس (جمهوري علماني ومناصر للمرونة الأمنية) ويسار ماكرون (ليبرالي في كل شيء).
هل علينا ترقيع كل هذا العوالم الصغير؟ كيف، وهل هناك من يريد ذلك؟ قليل من السياسيين يعتبرون ذلك في صالحهم. لأنهم ليس لديهم نفس المصالح. بدءا من رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية.
مصلحة فرانسوا هولاند تكمن في توحيد اليسار وراء ما تبقى من ترشيحه. وعلى مانويل فالس تقديم التوضيحات الازمة داخل الحزب في محاولة لتكوين يسار آخر قصد تهيئة الموعد الموالي. وهذا أيضا ما يسمم نهاية الولية هذه.

تجزئة قانون العمل
كل شيء يصبح نوويّا مع قانون الشغل. هذا هو الإصلاح الذي يقوده اثنان من رؤساء السلطة التنفيذية اللذان لا يتقاسمان نفس المصالح في نهاية الولاية، ومن قِبل رئيس لم يُنتخب على اساس برنامج اجتماعي ليبرالي. وهذا يعني أن قانون العمل كان يتوفر على كل الشروط لتفجير وبطريقة لعبة "البوزول"، قوات اليسار.

يمكن للمرء أن يتصور طريقة للخروج من الازمة. قد يكون توافق بين طرفين. أولئك الذين يريدون تقديس قانون العمل لجعله ذا طابع ايديولوجي، عليهم ان يتقبلوا التعامل بشيء من المرونة في هذا الملف لتشجيع التوظيف عن طريق العقود الدائمة. وأولئك الذين يريدون المرونة بأي ثمن، لا ينبغي عليهم إشراك المستأجرين في اختلال ميزان القوى الدائم داخل الشركات التي يعملون بها، في بلد لا توجد فيه سلطة نقابية قوية مضادة مثلما هي حاضرة في ألمانيا.
هذا الحل يتطلب بعض النضج. يريد رئيس الوزراء لعب لعبة الحزم، فلا بد عليه الآن ان يتراجع. وان حدث ذلك، هل سيتراجع عن موقفهم أولئك الذين يقولون دائما أحمر عندما يقول هو أصفر أو أخضر أو وردي؟ ليس هناك ما هو ثابت. ولكن دون هذا الحل، ستخرج اليسار من هذا النقاش مجزئة الى قطع صغيرة. مع احتمالات ضئيلة للنجاح. لأنه على أي أساس سوف تعيد تركيبتها من جديد؟

اليسار الاجتماعي والعلماني
يبدو الأمر كما لو طلب منا أن نختار بين يسار علماني تخلى عما هو اجتماعي ويسار اجتماعي تخلى عما هو علماني. إذا علينا ان نختار الإختيار الصحيح، خصوصا بعد الهجوم الذي تعرضنا اليه، فاليسار العلماني والمناهض للاستبداد، بالطبع هو الذي سوف يفوز. ولكن كيف التأكد من أنه لن يستغلّ ميزته المعنوية للإساءة للحريات وقانون العمل؟

بين اليسار الليبرالي الاجتماعي واليسار القديم، نفتقر إلى جيل من الاشتراكيين الراديكاليين وربما شخص كليمنصو مقرون بشخص جوريس. أي يسار علماني واجتماعي، والذي بدونه سيشعر العديد من التقدميين باليتم و العزلة.
 08 مارس 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق