الاثنين، 14 مارس 2016

أزمة الأزبال في لبنان ومخاطر التلوث التي يتعرض اليها البحر الأبيض المتوسط

 
البحرالابيض المتوسط ليس قمامة
أوقفت مظاهرة جديدة شوارع بيروت بمبادرة من التجمع "أنت نَتِن،" الذي يحتَجّ لمدة شهور ضد تراكم القمامة. هناك ما يُغضب من هذه " الجمهورية القمامة "، الاسم الذي أطلقته عليها صحيفة لوريان لو جور.
 
استمرت الأزمة عامين. تم استعجالها في يوليو الأخير. عندما أغلقت الحكومة موقع معالجة النفايات الذي بسبب الافراط في استغلاله أصبح خطرا، كما لم يتم تجديد عقد شراكة لشركة في حالة شبه احتكار لجمع ومعالجة النفايات.
 
افتتح مطرح لرمي النفيات في عام 1997، في أحضان سهل أخضر جميل في جنوب بيروت، وكان الهدف من خلقه استقبال 2 مليون طن من الازبال. وكانت تقوم بمعالجة 15 مليون طن حتى أن تم اقفاله. فقد اشتكت الساكنة من الهواء الغير القابل للتنفس والامراض والتسربات الغازية المسببة للسرطان. فربما اضطروا اقفال هذا الموقع.
 
كما كان عليهم مواجهة احتكار شركة سوكلين، التي يحكى عنها انها مقربة من عائلة الحريري، والتي تقوم بمعالجة النفايات العاصمة بثمن وزنه ذهب. إحدى أغلى المطارح المخصصة لمعالجة النفايات في العالم. في غياب تام للشفافية. كان ذلك لابد منه. لكن ليس من دون خطة بديلة ولا رؤية واضحة للخروج من الأزمة التي، كما هو الحال في إيطاليا في السنوات القليلة الماضية، اتخذت منحى سياسي إلى حد بعيد.
 
المافيا والازبال
 
أزمة الأزبال تلك ليست بسيطة. لا في لبنان ولا في أوروبا. وفقا لروبرتو سافيانو، أصبحت عائلات كامورا رائدة في إعادة معالجة النفايات في أوروبا منذ أواخر التسعينات. وسوق الازبال أصبح ينافس منذ ذلك الحين الكوكايين.
 
ولكن من المعلوم ان المافيات نادرا ما يقومون بالاحترام الدقيق للقانون. يسهل علينا تصور ما يستطيعون القيام به لدفن النفايات السامة خاصة ما إذا قامت بعض الدول بطرح الفكرة العجيبة وطلبت ذلك منهم، أو العكس من ذلك، إذا ما ابدت تلك الدول موقفها الصارم وتفاوضت على الأسعار معهم. هل هي أحد أسباب الأزمة في لبنان؟ هل فصيلة من الفصائل السياسة أرادت أن تجف مصدر دخل لفصيلة أخرى؟
ما هو مؤكد هو أنه لم يفكر أحد في خطة بديلة.
 
حرب الفصائل السياسية
 
فشل الائتلاف الحكومي في الاتفاق على اسم رئيس ما. ففي غيابه، يفترض أن حكومة رئيس الوزراء تمام سلام تمارس جميع السلط. في الواقع، هو رئيس حكومة لوحدة وطنية عاجزة كليا بسبب فصائلها، مقسمة بالتساوي الى حد ما بين وزراء حزب الله الشيعي والوزراء السنيين لجماعة الحريري، المقربة من المملكة العربية السعودية، والوزراء المقربين من الزعيم الدرزي الذي يعتبر نفسه محاذيا، وليد جنبلاط. هذه ليست حكومة، بل هي لعبة البوزول لمُجَمَّع سياسي. مجمع يحظر أي مسار سياسي، بما في ذلك حتما ربما كل ما يتعلق بالأزبال.
 
خطة طارئة في وقت متأخر جدا
 
رغم مرور أكثر من سنة من العجز التام، صرحت الحكومة في النهاية انها أخيراً أصبحت تتوفر على خطة للتغلب على الأزمة. لقد حان الوقت. الا ان الفكرة ليست هائلة. ففي المدى القصير، تقترح مؤقتا إعادة فتح مطرح للنفايات المغلق في يوليو وإضافة مطرحين جديدين. مطارح قوبلوا بالرفض من قبل الساكنة المعنية بطبيعة الحال. وتقترح الحكومة أيضا أن البلديات اللواتي يرغبن في علاج نفاياتها بنفسها تستطيع أن تفعل ذلك. أما بالنسبة لعقود شركات سوكلين وشركة أخرى سوكومي، سيستكملون اشغالهم الى نهاية مدة التعاقد.
 
فهي خطة لحالة الطوارئ، ولكنها جاءت متأخرة جدا، خصوصا دون بديل حقيقي مستدام ووطني.
 
وفي نفس الوقت، بات مطرح تفريغ النفايات الذي هو بيروت وضواحيها، يهدد صحة اللبنانيين.
 
لا نعرف حتى الآن بالضبط ما هي تكلفة الأمراض التي سببتها أزمة الازبال في نابولي. ونحن نعلم أن العديد من المنتوجات المحلية، مثل بعض الماركات من جبن موزاريلا، فاسدة بسبب الديوكسين الملوثة للتربة. كل هذا مثير للقلق بالنسبة للإنتاج الزراعي في ضواحي بيروت.
 
كنزنا المشترك في خطر
 
بغض النظر عن الفواكه والخضروات، فأزمة النفايات اللبنانية قد عقدت الأزمة البيئية في منطقة البحر الأبيض المتوسط. لأن النفايات التي تتراكم يمكن تصريفها في البحر وتصل إلى شواطئنا، ملوثة بالفعل مثلما وقع في خليج المحميات الوطنية.
 
الصندوق العالمي للطبيعة، الذي أطلق مشروع مخصص لحماية الأنظمة الإيكولوجية للبحر الأبيض المتوسط، يدق ناقوس الخطر منذ عدة أشهر. حيث الكثافة السكانية وانفجار الأنشطة الصناعية تستنزف وتلوث منطقة الحوض كلها. فالمخطط الحقيقي للحماية يتطلب عليه التوفيق بين جميع الفاعلين، من الشركات الصناعية والفاعلين العموميين والجمعيات، لحماية البحر الأبيض المتوسط.
 
فقد أصبح هذا البحر المشترك يعكس كل إخفاقاتنا. كما قد يكون أيضا بريق ومصدر كل ما يربطنا بما هو أساسي وجوهري. كالطبيعة والجمال والصحة والحياة.
 
 
كارولين فوريست
 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق