السبت، 17 مارس 2012

العنصرية موجودة لكن "الاعراق" لا


فرونسوا هولاند يريد إزالة كلمة "العرق" من الدستور. فاعتبر نيكولا ساركوزي اقتراحه "مثيرا للسخرية". هذه الحرب الكلامية تكشف عن اختلافات جوهرية أشد مما يبدو. بين المرشح اليساري الذي يؤمن بالحق في عدم الاكتراث، في قلب النموذج الجمهوري الفرنسي، والرئيس اليميني الذي يفضل التملّق للحق في الاختلاف مقتاد في ذلك بالتجربة الأنجلو سكسونية.

والحق في الاختلاف ينطلق من المبدئ القائم على أن البشر قد يختلفوا بسبب لون بشرتهم وأصلهم العرقي، ولكن لهم الحق في المعاملة العادلة والنزيهة. فهذا هو توجه المضادين للعنصرية في امريكا، أحيانا أكثر فعالية ولكن أيضا أقل إحكاما من التوجه المناهض للعنصرية في فرنسا. لأنه عوض رفض تواجد فئات للعنصرية، ناضل أكثر من أجل الحصول على إعادة التوازن داخل الطوائف الاجتماعية. فقامت طائفة السود، ثم الطوائف الاخرى، بالتعبئة – ولم لا التنافس – لوضع تدابير التمييز الإيجابي على أساس "العرق". فما قد يكون فعّالا على المدى القصير لإخراج الى قيد الوجود بعض النماذج، لا يستطيع بالضرورة تغير عقلية الجميع. وخاصة عقلية أمريكا البيضاء العميقة.

 في فرنسا، التحدّي يختلف. فمناهضة العنصرية للستين السنة الأخيرة لم تُشيد لمواجهة التفرقة، بل لمواجهة الإبادة. برفضها فئات النازية. حيث أن كلمة "العرق" ليس لها نفس المعنى باللغة الإنجليزية كما هو باللغة الفرنسية. فهنا لا يتعلق الامر فقط بلون البشرة. فإنه يردد ايديولوجية تعتبرأن البشر لا ينتمون الى نفس النوع وفقا لمظهرها. وهذا الهراء لن يفنى. فكيف يمكننا محاربته؟ يمكننا تحقيق ذلك بالتوضيح أن "العرق" لا وجود له. ولكن كيف يُمكننا الاقناع بذلك إذا احتوى دستورنا هذا المصطلح؟ فالمناضلين الذين قاموا باستعماله كمصطلح لم تكن نيّتهم سيئة، بل على العكس تماما، حيث أرادوا المساواة بين المواطنين جميعا "بغض النظر عن العرق". غير انهم لم يكن لديهم بعد النظر الضروري لتحرير المفردات اللائقة بزمنهم. لقد آن الأوان لكسر هذه السلسلة وفتح صفحة جديدة.



 بالتأكيد أن حذف كلمة "العرق" من الدستور لن تزيل العنصرية. لذلك يبقى الامل معلّق على تطهير الاحكام المسبقة من الالغام المسؤولة عن التمييز. وهذا الامر في حدّ ذاته خطوة كبيرة. وبالفعل أفضل بكثير من محاولة إدخال كلمة "التنوع" في الدستور، كما أرادها الرئيس السابق متضرعا بتعزيز التنوع. لقد كان الغرض منه خاصة السماح بإنشاء الإحصاءات العرقية والاعتراف بالحق في الاختلاف. في أسوأ الأحوال، كان من شأن هذا التكريس، تعزيز الصّور النمطية. امّا في أحسن الأحوال، يبقى خُدعة. فبعض رموز التنوع، يتم استعراضها بعجب، لتخفي غابة من نبذ مساواة الحظوظ ... لكنّها مكلفة بكثير عند القيام بتنفيذها.

 ففي الرغبة في إزالة كلمة "العرق" ووضع المساواة قلب برنامجه، وفي الوقت نفسه اقتراح تمويل "وظائف المستقبل" في أحياء ذات "أولوية" – وليس أحياء أكثر "حساسية" -يُحيي فرانسوا هولاند أكبر طموح التقاليد الجمهورية المُنادية للمساواة. وهذا الامر أصلا بعيدا من أن يكون مثيرا للسخرية.

كارولين فوريست في جريدة لوموند

"عندما يتحلّى اليسار بالشجاعة" دار النشر غراسييه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق