الاثنين، 15 فبراير 2016

كرواتيا: حكومة يمينية متطرفة جديدة في أوروبا

قليلا ما نتحدث عن هذا الحدث. لكن ما يحدث في كرواتيا أمر مقلق للغاية. لا من المنظور الديمقراطي ولا الأوروبي. كنا نعلم بوجود فيكتور أوربان في المجر (هنغاريا)، والحزب الكاثوليكي المتشدد "الحق والعدالة" في بولونيا ... والان ها هي دولة جديدة من الاتحاد الأوروبي تسقط بين أيدي اليمين المتطرف.
فالحكومة الكرواتية الجديدة قريبة من أوبوس داي، تضم وزراء أصوليين ذو توجه رهباني تصحيحي. لقد جاءت إلى السلطة دون سابق انذار منذ ثلاثة أسابيع. وأدت الانتخابات البرلمانية الى شبه مساواة بين اليمين واليسار. فبعد أسابيع من المفاوضات، فاز اليمين عن طريق تشكيل ائتلاف مع حركة الشباب: موست. "الجسر" بالكرواتية. اسم جميل، ولكن هذا الفريق الشاب الذي كنا نعتقد انه من حزب الوسط، يبدو قريبا من الجماعات الأصولية.
وزير الثقافة في زي اوستاشي
 
أحد أعضاء هذه الحكومة الجديدة، وزير الثقافة، مثير للجدل. لقد جاء من الحزب الرئيسي لليمين الكرواتي، ولكنه يجسد تماما هذا التحالف الراديكالي. زلاتكو هسانبيكوفيك هو مؤرخ الشباب، ذو توجه رهباني تصحيحي. الذي يعتبر تاريخ الحرب العالمية الثانية "فرضية"، منصوص عليها أساسا من قبل المنتصرين. وهو من الواضح يعد نفسه من الجانب المهزوم.
 
تناقلت الصحافة الكرواتية لعدة أيام صورة منه وهو في رعيان الشباب، يقف في زي محرج زي أوستاشي. هذا الحزب الكرواتي الموالي للنازية الذي قاد سياسة الإبادة الجماعية ضد اليهود والصرب والغجر خلال الحرب العالمية الثانية.
 
وزير الثقافة الجديد هو بالطبع أصغر من أن يكون قد شارك في ذلك. غيرانه كان ناشطا في مجموعة الاوستاشي الجدد. ظهرت صورة له بالزي العسكري، في مجلة يمينية متطرفة في التسعينات، عادت الى الظهور والى اثارت الجدل. قام الوزير في البداية بالنفي ثم اعترف بان تصرفه "طيش شباب"، دون أن يكون مقنعا تماما.
 
كباحث، كتب حسنبيكوفيك كثيرا وبحماس، حول أحد جوانب مشروع اوستاشي. الذي يكمن في توحيد المسلمين والكاثوليكيين المؤيدين للنازية، ضد العدو المشترك. فتحالف الأخضر والبني يعود الى الواجهة.
 
لقد ذهب وزير الثقافة للتنديد في الصحافة، "بأولئك الذين بحجة مهاجمة الفاشية الإسلامية" الذين هم في الواقع محطات موالية "لقنوات الرأي العام اليهودي الدولي". لوبي قوي هدفه المفترض هو الاساءة الى صورة المسلمين ...
 
علينا التوضيح أن الوزير الجديد للثقافة هو من أصل مسلم وبوسني. مما لا يمنعه، إلى حد ما، بل بالعكس من تقاسم بعض الهواجس مع أقرانهم الأصوليين الكاثوليك. كموضوع الزواج للجميع على سبيل المثال.
 
في عام 2013، أسس جمعية "باسم الأسرة" مع الشبكات الأكثر تشددا من الكنيسة الكرواتية. معا نظموا وفازوا باستفتاء يطالب أنه في الدستور يتم اقتصار "الزواج" على الافراد من جنسين مختلفين.
 
وقد ردت الحكومة الاشتراكية الديمقراطية اليوم بالتصويت على ما يعادل الباكس. والآن أصبح هذا الحق المكتسب، مهددا بشكل واضح من قبل الحكومة الجديدة. قد تقوم أيضا بتغيير قانون الإجهاض. واستعادة السيطرة على وسائل الإعلام.
 
مخاطر التغيرات على الشكل المجري
 
رئيس الوزراء الجديد يدعم وزيره للثقافة. مستشاره الخاص للعلاقات الدولية هو عضو بشكل علاني في جماعة أوبوس دي والذي شن حملة، مثل وزير الثقافة، ضد الزواج للجميع.
 
ولكن ما لا يقبله العقل في هذه الحالة، هو مسار رئيس الوزراء. لأنه أتى من حيث لا أحد يدري. فهو لا ينتمي رسميا إلى حزب ما، وقال انه لم يقم بحملة الانتخابية. أكثر من ذلك، فهو يكاد يتحدث الكرواتية، أو بطريقة سيئة جدا، مع لَكْنة كندية قوية. أتى من الشتات (دياسبورا) الكندي حيث كان تاجرا في الأدوية قبل أن يصبح بقدرة قادر فجأة هذا الرجل المحايد الكاثوليكي التَّقِي على رأس هذه الحكومة. مظهريا على الأقل.
 
لأن الزعيم الحقيقي لهذا التحالف الغريب ليس سوى نائب رئيس الوزراء توميسلاف كاراماركو. غير شعبي وراديكالي، يدعم وزيره للثقافة وتلميذه المصون، وهو سعيد من أن حكومته تتألف من وزراء يعرفون "أخيرا كيف يقومن بتصويب علامة الصليب على الشكل الصحيح." وهي إشارة إلى المصطلحات المستخدمة في الوقت الأوستاشي للتشهير بمن ارتدوا (اليهود او الأرثوذكس) الذين هاجروا هربا من المذابح والاضطهادات.
 
كل هذا يوحي بمستقبل واعد. هذا المنعطف الكرواتي يبرهن أيضا عن الهشاشة المأساوية للديمقراطية على أساس التمثيلية النسبية. في حين أن الغالبية العظمى من الكروات لم يصوتوا على هذه الحكومة ولا يثقون بها، يمكن لهذه الدولة التي هي عضو في الاتحاد الأوروبي أن تتراجع بخطوة هائلة إلى الوراء، حاملة معها بعضا من الحلم الأوروبي.
 
 
كارولين فوريست
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق