الأحد، 26 نوفمبر 2017

بسرعة نحن في حاجة الى درع ضد الكراهية!




حرية التعبير تغرق في بحر من الكراهية، فهي مصنوعة من الرجم "الرقمي" ومطاردة السّحرة. والحطب يُحرق كل أولئك الذين يجرؤون على الكلام والمناقشة. فالرقابة لم تعد تأتي من الفوق، ولكن من الأسفل، من التفاعل، من هذه الحزمة من المتصيدين المسعورين، والتي يتولّد منها مهاجمين حقيقيين وحتى قتلة في بعض الأحيان.

إنها قصة امرأة شجاعة تجرأت على إدانة مغتصبها والتي رُجم اسمها في الساحة العامة. وقصّة صحفيّة شابة التي لم تعد قادرة على التنديد بالتحرش الجنسي دون التعرض للمضايقات. وحتى لصحفية لم تستطيع الحديث عن هذه التهديدات دون التعرض بدورها الى التهديد! وهذه هي قصة صحيفة ساخرة اخرى لم تعد قادرة على رسم رسول أو حتى معلم، ولا حتى مُلتحي أو حتى رجل ذو شارب، دون التعرض الى التهديد بالقتل ثم بالذبح، ثم يتم اعدامها علنا مرّة أخرى. ورسامة تواصل الرسم وبندقية موجهة الى راسها. إلى درجة الرغبة في الانسحاب من الحين الى الآخر من عالم الشبكات الاجتماعية للتنفس الصعداء. قصة كذلك المدير السابق لشارلي، الذي بكثرة البصق على وجهه، لم يعد قادرا على إعطاء مناضرة دون حماية، وقد تمّ القبض على متعصِّب كان يتربّص به. وهذه هي قصة متخصّص في قضايا الإرهاب الذي يعيش تحت حماية الشرطة لسنوات في فرنسا، بعد أن نجا من الهجمات في الجزائر. وهذه هي قصة صحفية التي تشتغل على جميع اشكال الأصولية، والتي تم الكشف عن عنوان بيتها من قبل البعض ورمز بابها من قبل الآخرين.

لم يعد بإمكاننا انتقاد برلمانيا مناهض لشارلي دون الاختناق تحت وابل من القرف العنصري...

هناك العديد من القصص. كل يوم، يتم اصطياد الصحفيين بأسماء يهودية في نهاية مقالاتهم، يتعقبهم المتآمرون، او يندّد بهم المناهضون الجدد للعنصرية والمعاديين للسامية، قبل أن يتم عرضهم في لباس مخطّط خاصّ بسجناء الدوائر الفاشية. لم يعد بإمكاننا أن ننتقد برلمانيا مناهضا لشارلي دون الاختناق تحت وابل من القرف العنصري الذي يلقيه اليمين المتطرف.

ولا يمكن لوزيرة العدل السابقة أن تدافع عن المساواة دون أن يتم منحها الموز، ودون أن يتحول منتقديها إلى قرود للصراخ. ولا يمكن لرئيس الوزراء السابق أن يندد بالأصولية ومعاداة السامية دون أن يحصد الأميال من الرسائل التي تدعوا إلى سحقه، أو إعادته إلى بلده الأصلي أو إبرازه بنجمة داود على أردافه. عندما لا يتم نعثه "ديت" (المعروف بمساندته لنظام فيشي) أو" توركمادا"(راهب دومينيكي وقت محاكم التفتيش الاسبانية) في الصحافة المميزة.

لا بد لنا من ترويض هذه الكراهية، وبسرعة، قبل أن تُجرّدنا جميعا من إنسانيتنا

السياسيون صعب المران. يمكنهم تحمل الضربات وكذلك ارجاعها. أحيانا يقوم بعضهم "بإرجاع الحلق" - أوحرفيا "ببصق" الإهانات التي يتلقونها في وجوههم. ومن الخطأ أن نرغب في "حذف من النقاش" أي شخص ، حتى أولئك الذين يسهلون دعوات القتل. ولكن اتركوا لنا الحق في التفكير في حذفه. بكثرة ما يتم تحويل بعض السياسيين الى أهداف، او عُلب توضع على منصات إطلاق القذائف، سيموت شخص ما لا محالة. وقد يدرك حينها الغوغائيون أننا لم نكن في حفلة تنكرية.

لقد استسلم الصحفيون ورسّامو الكاريكاتير بالفعل الهجمات الإرهابية. وضربت الهجمات العنصرية كندا. هل سننتظر حتى لا يرغب أحد الانخراط أو الكلام، أو حتى الوجود قبل أن يتفاعل؟ ولا بد لنا من ترويض هذه الكراهية، وبسرعة، قبل أن تجردنا جميعا من إنسانيتنا. يجب اعادة القانون والتحضر في تبادلاتنا. فالدعوة إلى القتل والكراهية والإبادة ليست حرية التعبير بل عقاب.

القوانين التي تنظم حياتنا جيدة. علينا فقط تطبيقها. ولكن القانون لا يساوي شيء دون قوة الجمهورية. فالحاقدين كُثُر. واستنفدت الأهداف قوّتها. ليس لديها لا الصبر ولا الامكانيات لتقديم شكوى كلما توصلت بتهديد ما على شبكة الإنترنت. نحن بحاجة إلى تعزيز هذه القوة. الى دولة تحمي. هذه الحكومة، المهتمّة جدا بالقضايا الرقمية وفعل الخير، يجب أن تضع "درعا رقميا". كمدّع خاص يكرّس مهامه الى هذه القضايا ويسمح له بالتحقيق في الأمر بإحالة من تلقاء نفسه، كل مرة يتم فيها إعدام شخص علنيا الى درجة تعريض حياته الى الخطر. إنها تتعلق بجودة نقاشنا العام وديمقراطيتنا. أو في كلمة واحدة، تتعلق بنوعيّة حياتنا.

كارولين فوريست

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق