السبت، 24 فبراير 2018

الأخ طارق: كذب حقيقي ومؤامرة مُزيّفة



حتى وهو في السجن، ضعيف وقد انكشف أمره، يستمّر الأخ طارق في التلاعب بالسُّدّج. تقنية دفاعه المعتادة أصبحت مألوفة. كل مرّة يجد نفسه يواجه تناقضاته أو عليه أن يجيب على أفعاله، يصيح طارق رمضان بالمؤامرة على حسب هواه تارة من قبل "الصهيونية"، وتارة "الإسلاموفوبيا"، أو تارة أخرى "الفوريستية". منذ أن وجّهت اليه مجموعة من النساء علنا تهمة الاغتصاب، توالت هذه "التشكيلة" واحدة تلو الأخرى، وهذا امر طبيعي فمن ماذا عساه ان يشتكي أيضا؟ ...الأمر الذي ليس بالطبيعي هي السهولة التي تسطيع بها حيله خداع الصحافة. بمجرد الامتثال الى تلبية الدعوة الموجهة اليه وهو على متن نقاّلة حتى يعلن محاميه عن مرضه "التصلب المتعدد" حتى تتحدّث بعض الصحف عن احتضاره.  كما لو ان طارق رمضان ليس متعود على هذه المشاهد المسرحية حول المظلومية والهستيرية. فبعد ثلاثة أيام من هذه المسرحية، اعتبر تقييم طبي مستقل أن حالته الصّحّية "متوافقة مع احتجازه". وقد تمت المطالبة بتقييم عصبي شامل لحالته. فحص لم يقم به قط... دعونا نترقّب نتائجه.

امّا الأمر الذي أنا واثقة به، دون أدنى خبرة طبية، هو أن رؤوس واقلام بعض "الصحفيين" يُظهروا أعراضا مُقلقة كلّ مرة يتواصلون فيها، دون التحقّق أو مضاهاة عناصرهم اللغوية. وبينما كنت بعيدة عن هذه القضية وعن فرنسا، قرأت عنوانا كان من المُحتمل أن يجعلني أضحك أقلّ لو كنت امام مناظر طبيعية أقل جمالا: "حالة طارق رمضان: الشكوك المثيرة للقلق للتواطؤ الذي يورّط كارولين فوريست".

نشر المقال على هافينغتون بوست المغرب العربي ولا يحمل توقيع صاحبه وهو عبارة عن حفنة معلومات مُضلّلة وخاطئة، خاصة عندما نكون على دراية بدقة الحقائق وتسلسلها.

في الواقع، يثبت التحقيق أن المُدعيتين ضد رمضان لم يتكلما خلال الأشهر الستة التي سبقت القضية. ويعترف المقالة بأنه "وفقا لتقرير أفادت به وكالة فرانس برس، فإن سجلات الهاتف لا تكشف عن أي اتصال مباشر بين هيندا أياري وكريستيل بين 6 مايو و 6 نوفمبر 2017". هذه المعلومات تنفي بشكل قاطع الصيغة المؤامرتية التي أطلقها طارق رمضان. كما يُمكن أن تبرر عنوانا آخر للمقال مثل: "التحقيق لا يكشف عن أي تواطؤ بين المدعيتين اللتان اتهمتا طارق رمضان بالاغتصاب". ومن الغريب أن هذا ليس ما احتفظت به جريدة هافينغتون بوست المغرب العربي، الذي يفضل إضافة: "من ناحية أخرى، فإنها تُظهر اتصالات متكررة لكل واحدة منهما على خط فياميتا فينّر، حميمة السيدة فوريست (116 مرات كريستيل و 156 للسيدة أياري)، خلال فترة الستة أشهر نفسها. مع اضافة عبارة صغيرة "من ناحية أخرى" تعكس اختيار عنوان بنكهة الاتهام: "الشكوك المثيرة للقلق للتواطؤ الذي يورّط كارولين فوريست ".

لا داعي ان احكي لكم عن غبطة الشبكات الاجتماعية الموالية لقضية رمضان. في ظرف ثلاث ثوان، انتقلوا من مؤامرة يهودية إلى مؤامرة مثليه! فأحد التفاصيل "الصغيرة" التي نسي هذا المقال العشوائي ذكرها، والتي ستُغيّر كل شيء في المضمون: هو أن هذه المكالمات الهاتفية العديدة وخاصة الرسائل القصيرة المتبادلة مع هيندا أياري و "كريستيل" وقعت بعد وليس قبل اندلاع القضية: بين 20 أكتوبر ونوفمبر ... وذلك قصد إجراء مقابلة معهما وتقديم لهما الدعم لمواجهة طوفان من الكراهية! أما بالنسبة للمؤامرة سحاقية الغامضة، يظهر اسم فياميتا فينّر في مسطرة التحريات فقط لأن خط هاتفي مُسجّل باسمها. وهي مع الأسف حقيقة انصهار، والتي سوف تُخيّب آمال كبار المصابين بجنون الارتياب.

البعض لم يعد ينخدع إذا ما حكمنا على الفشل الذريع الذي لقيه منظمي أمسية لدعم طارق رمضان. ففي الدار البيضاء، اعتزمت شبكات حزب العدالة والتنمية كراء مسرح يضم 400 شخص. لم يحضر سوى حوالي 40 منهم. كما نفى نصف المتدخلون الذين تم الإعلان عن اسمائهم موافقتهم الحضور لهذا اللقاء. ففي بلاد المكفوفين، حتى العميان أحيانا في نهاية المطاف يفتحون أعينهم.

كارولين فوريست

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق