السبت، 10 مارس 2018

النسوية، نموت من أجلها او نضحك منها



" من الخطير للغاية استنكار التحيز الجنساني". هذا ما ذكّره التقرير الأخير لمنظمة "مراسلون بلا حدود" تحت عنوان: "حقوق المرأة: تحقيقات محظورة". في العديد من البلدان، من الخطر التعامل مع هذا الموضوع. بين عامي 2012 و 2017 ، سجلت منظمة مراسلون بلا حدود 90 حالة خطيرة من انتهاك حقوق الصحفيين. وقد قُتل 11 صحفياً، و تم اسر 12 سجيناً، وتعرض 25 على الأقل للاعتداء بسبب تجرئهم على معالجة هذا النوع من القضايا في بلدهم. ناهيك عن أولئك الذين يتعرضون الى التهديدات عبر الشبكات الاجتماعية. الصحفيون الذين يستنكرون المضايقة أو الاغتصاب يتعرضون باستمرار للتهديد بالاغتصاب والمضايقة ويتم وصفهم "بالعاهرات" مثل نادية دعم في فرنسا وباركها دوت في الهند. أولئك الذين يدينون تشويه الأعضاء التناسلية، مثل ماي آزانغو في ليبريا، معرضون لخطر التشويه بدورهم. فالجنسانيين يفتقدون الخيال الواسع. وأحيانا ينتقلون من الاهانة الى ارتكاب الأفعال.

 تحدد منظمة مراسلون بلا حدود ثلاثة مفترسين رئيسيين: الإسلامويين، والشبكة الأمريكية المؤيدة للحياة والشبكات الإجرامية. ففي العراق، اضطرت نائين شمو ، وهي منتجة تلفزيونية من أصل يزيدي ، مغادرة البلاد بعدما كتبت عن استعباد شعبها من قبل داعش. في الهند، رئيسة تحرير أسبوعية علمانية ونسوية، جوري لانكش، دفعت الثمن بحياتها عندما ندّدت بالمكانة التي تحتلها المرأة في النظام الطّبقي. في الولايات المتحدة، أي صحافي يجرؤ على الحديث عن الحق في الإجهاض يتلقى وابل من الشتائم والتهديدات بالقتل ويتوصل بطرود دموية تمثل جنين ميت. بالطبع، فالأمر يصبح أكثر إيلامًا عندما يكون الأصوليون رسميًا في السلطة. في إيران، يتم سجن العديد من الصحفيات النسويات بسبب مقالاتهن، مثل نرجس محمدي. وهذا يعني ان الأمر يتطلب كثير من الشجاعة والصلابة لشجب التحيز الجنسي. سينتهي الحال بنسيانها لكثرة الاحتفالات يُلزم فيها المرء ارتداء وشاح أبيض في تمثيلية مصطنعة يعبّر فيها عن تحوله المتأخر إلى النسوية.

 لعالم السينما دور يلعبه في تغيير التصورات الفكرية. من الطبيعي، وحتى ما يبعث على الاطمئنان، أن يُسائل هذا العالم نفسه بعد فضيحة وينشتاين. ولكن يبقى هذا التمييز الطّفيف من شأنه أن يكون قادرا على انقاذ المرء من المواقف المحتَّمة والكاريكاتيرية، حيث الفكاهة و"الدرجة الثانية" لم يعد السكوت عليها. هذا هو التمييز الطفيف الذي استطاعت بلانش جاردين احيائَه من خلال إعطاء سيزار أفضل دور نسائي: "إنها وبلا شك سنة حزينة جدا للسينما. لهذا السبب قررت أن أمثل أمامكم بلباس أسود (بينما كانت في الواقع ترتدي فستانا ازرق وأحمر). وفي الوقت نفسه، يجب أن نفرح بالطبع لأنه من الآن فصاعدا، أعتقد أنه من الواضح للجميع، لم يعد لدى المنتجين الحق في انتهاك عرض الممثلات. ثم، على نحو زائف ومتسامح: "من ناحية أخرى، هناك شيء غير واضح وأنه سيكون علينا توضيحه، كما أعتقد، وأنا أفكر بسرعة إلى حد ما. هل يزال لدينا الحق في النوم مع (...) لنيل الأدوار؟ [غطى الضحك فضاء القاعة]. وهذا يعني، إذا لم يعد لنا الحق، فعندئذ سيتعيّن علينا حفظ عن ظهر قلب النصوص، وعلينا أن نتخطى تجربة الأداء وليس لدينا الوقت. "وفي بِضْع كلمات وتلميحات متنوعة، استطاعت الممثلة الكوميدية أن تؤدي المعنى وتركز على ما هو أساسي، في حين تنفس الصعداء جميع المعنيين ... كون بعض النساء في القاعة أصبن بالصدمة أو أحسسن انهن مجبرات على ابداء علامات عدم الرضى على محيّاهن فكان مجرد عرض مسرحي سيئ.

النسوية لا تمنع لا من استخدام المزح ولا التلميحات الطفيفة. إنها مدرسة لتفكيك علاقات القوة، التي تتطلب التفاهم وقبول تعقيد تركيبها. في تلك الليلة، كانت روح الدعابة أكثر نسوية من العبوس المبالغ فيه بشكل زائف أو الشريط الأبيض الذي يتم ارتدائه دون لياقة. من الخطأ الاعتقاد بأننا سنغير السينما عن طريق الحصص المخصّصة للنساء. ما يجب تغييره هو رغباتنا وخيالنا وقدرتنا على التعرف على أنفسنا بشكل مختلف. فل يُحكى لنا قصصا لا تتقمّص فيها النساء مجرد ادوار الضحايا أو العبيد، بل بطلات. قد تكون غير كاملة، عنيفة، غير عادلة، أو العكس، ولكن لهن الحق في لوح عريض من المشاعر والحق في تقمّص العالمية. مثل الرجال، هنّ أيضا.

كارولين فورست

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق