الأحد، 1 يوليو 2018

امتنان الوطن الأم: يعجز لساننا التعبير عن مدى امتناننا لسيمون فيل بإسم كل أولئك الذين يعيشون حياة أقلّ تحطُّما






هذا الأحد، 1 يوليو، ستدخل سيمون فيل البانثيون مع زوجها أنطوان.

كان أول اتصال لي بسيمون فيل بديهي: لقد وُلدت بعد تسعة أشهر من اصدار قانونها الشهير سنة 1975. والتقيت بمناهضي الإجهاض الذين مازالوا مصابين بالهلع من هذا القانون بعد مرور عقود عن ولادتهم. كما لو انتابهم الشك في تواجدهم اليوم معنا في حالة ما استطاع آبائهم وأمهاتهم التراجع عن قرار ولادتهم ...

أشعر بالعكس تماماً. أحس باعتراف كبير جدا لقانون فيل. الأطفال الذين ولدوا بعد عام 1975، على الأقل، متأكدين من انهم كان مرغوب فيهم. لديهم حظ أكثر للمجيء في أسر مستعدّة لاستقبالهم. بعد اثنتي وعشرين عامًا من مجيئي إلى العالم ومقتنعًة تماما بفوائد هذا القانون، قمت بتأسيس مجلة للدفاع عن الحق في الإجهاض، وعلى نطاق أوسع، الدفاع عن الحق في الاختيار (بروشوا). فالعالم أحسن بكثير بفضل عدد أقل من الأطفال مرغوب فيهم أكثر وعن قناعة، بدلا من عدد كبير من الولادات "الربانية" أو غير الطوعية أو التي فرضت بالقوّة. لكن جمعية "مانيف للجميع" واتباعها مقتنعين بالعكس. هل الحياة لن تستمر الا اذا كانت باستطاعة العائلات التي لديها أب وأم فقط - كاثوليكية ، شقراء ، ترتدي تنورة وربطة الشعر؟ - تكوين أسرة.

لكلّ واحد معاييره. إذا كنت أحلم، مثلها، بفرض نموذج لي للوالدين على الآخرين، فإنني أُفضّل أن أحرم من حق الأطفال كل الآباء العنيفين أو الأنانيين أو المنحرفين. أيا كان مستوى دخلهم أو دينهم أو هويتهم الجنسية. وسيكون هناك تصاريح "لإصدار" الأطفال مثل تراخيص القيادة أو فتح الحانات. غير أن القضية أكثر خطورة. نتخيل الاتجار وإغراء بالرشاوي المواطنين المسؤولين عن إصدار هذه التراخيص. يستحيل على نظام يقوم على فرز من يمكن أن يصبح أبا او أمّا يوما ما ان يكون ديمقراطيا.

بفضل سيمون فيل، لن تحمّل أطفال عمليات الاغتصاب، ولن نرى النساء يموتن بسبب تسمم الدم لتجنب الحمل غير المرغوب فيه

لكن لا بئس، علينا أن نتحمل كل هؤلاء الأطفال المستبدين، العنيفين والمنحرفين، الذين ولدوا من أبوين عاجزين أو خطيرين، الذين لم يفقهوا شيئا في الأمر ولا ينبغي أن يتكاثروا. ولكن على الأقل، بفضل سيمون فيل، لن تحمّل أطفال عمليات الاغتصاب، ولن نرى النساء يموتن بسبب تسمم الدم لتجنب الحمل غير المرغوب فيه. أسوأ عبئ يمكن تحمّله لا بالنسبة لهم ولا بالنسبة للأطفال الذين لم يولدوا بعد، كما هو الحال بالنسبة لجميع أولئك الذين سوف يتحمّلون اضطراباتهم العصبية عندما يكبرون. لا يمكننا أبداً أن نشكر سيمون فيل ما فيه الكفاية على هذا القدر من الراحة، وعلى هذه الحياة الهادئة والمنسجمة وأقل انكسارا. لا شيء يحزن أكثر من أن نرى سيمون مُستغلّة في نهاية حياتها على يد نشطاء من جمعية "منيف لجميع" وهم يعبرون الرصيف بالصدفة ويضعون علمهم بين أيديها. لن تتمكن فرنسا البيتينية (نسبة لبيتين) من مراجعة التاريخ. ستبقى "سيمون فيل" للأبد على عكس عواطفهم النّتنة.

لم يستطع قط أحد اسكاتها

قابلتها عدة مرات حيث تبادلنا حول مخاوفنا بسبب مبادرة نيكولا ساركوزي بتغيير الدستور بإدخال تسمية يسمح من خلاله القيام بالإحصاءات العرقية - تحت ذريعة السماح بالتمييز الإيجابي، ولكن في الباطن، للسّماح بالرصد العرقي للمهاجرين. كل ما لا يمكن من مُرحّلة تُؤمن بالنموذج الفرنسي تَحمُّله. لقد وقفت صامدة واوصلت صوتها. تنبيهها على الأرجح قد منعنا (مؤقتًا) من هذا الانجراف.

ما عدا هذه الاجتماعات النّادرة، تعلمت على وجه الخصوص الإعجاب بها بسبب النظرة اليمين المتطرف البغيضة. كان موضوعي الأول للتحريات، عندما كان عمري 18 عاماً، متعلق بمناهضة الإجهاض. هكذا قابلت شريكتي، فياميتا فينّر، التي نشرت للتو كتابًا عن شبكات معارضة الإجهاض *. في المحكمة بالغرفة السابعة عشرة المكلفة بالجنح، حيث كان اليمين المتطرف يسحبوننا مرارًا وتكرارا، كانت تتعرض من قبل مناهضي الإجهاض لوابل من اللوم والتهديدات على أمل اقناعها بالتزام الصمت. لم ينجحوا. من خلال الانغماس في التحريات والوثائق، استطعت فهم العلاقة بين اثنين من الهواجس المستعصية بشراسة: كراهية النساء ومعاداة السامية. بالطبع، سيمون فيل تمثل كل ما يكرهه هؤلاء الأشخاص البغيضون. امرأة عنيدة حُرّة نجت من النازيين ورفعت رأسها وعملت خارج المخيمات وأقرت القانون الذي سيحرر النساء من قيود النظام "الطبيعي" والإلهي.

استطعت فهم العلاقة بين اثنين من الهواجس المستعصية بشراسة: كراهية النساء ومعاداة السامية

ما زلت أتذكر لهجة ومظهر ألماني مُسن "برولايف "(مؤيد للحياة)  قمت بمقابلته في الولايات المتحدة. على عكس العديد من اليهود الذين غادروا ألمانيا للاحتماء في العالم الجديد، ندم هذا الألماني على الزمن القديم، على الأقل منذ سقوط هتلر. فهو كان يحكم إحدى المنظمات الكاثوليكية الرائدة المؤيدة للحياة في أميركا وكان يخطط لفتح على المدى القريب فرع في فرنسا. وقع هذا قبل عشرين عاما. كنشطاء مجتهدين لبروشوا (الحق في الاختيار) ، وضعنا كل طاقتنا "لإجهاض" مشاريعه ... في ذلك الوقت، في مكاتبه في ولاية فرجينيا، كان يعتقد اننا متعاطفين معه فأخبرنا بأفكاره العميقة. لمجرد النطق بكلمة "فرنسا"، عبّر بفمه عن اشمئزاز صعد من بلعومه حتى كاد يتقيأ اسم سيمون فيل. تراجعت عيناه، ثم أضاف، "امرأة سيئة. جدّا. فهي يهودية. "
لا شيء يمكن أن يشيد بشخص وبشهامته أكثر من هذه المرارة المعوية الآتية من العالم القديم الذي فشل في كل شيء: إبادة اليهود واضطهاد النساء. كل ما هزمته سيمون فيل. عالم مازال يُهدّد.


* "معارضة الإجهاض: من اللوبي إلى الكوماندوز"،  فياميتا فينّر، دار النشر بيرغ انترناشيونال .


كارولين فوريست

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق